المعرض الشخصي الشامل للفنان خالد المبارك / – فنون – علي إبراهـيم الدليمي



المعرض الشخصي الشامل للفنان خالد المبارك



تماثيل تضيء العـتمة – فنون – علي إبراهـيم الدليمي

24 ديسمبر 2014 
يتواصل الفنان خالد المبارك، التجوال بمشروع معرضه الشخصي (15) الشامل في الرسم الزيتي والكرافيك والنحت، بعنوان (تماثيلي تضيء العتمة) متنقلاً به بين عدد من مدن العراق الجنوبية، مبتدئا بالمشاركة به ضمن مهرجان الشعر في البصرة، مرورا بالناصرية، ثم العمارة  فبغداد، وأخيراً، وليس أخراً، في الجزائر. ويخطط لنقله في ما بعد الى مدن عربية أخرى.

المعرض ضم أكثر من (40) عملاً فنياً، مختلف القياسات، ولكنه يشترك في ثيمة الموضوع الواحد، ألأ وهو (الأمل الإنساني) الذي يتمناه المرء فينا أينما وجد، في بقاع هذا العالم الواسع، بما فيه الإنسان العراقي خصوصاً، الذي يتواصل ظلامه حقبة بعد أخرى. يستأمل الفنان المبارك ذلك بقوله : رغم العتمة التي نعيــش… هناك عالم جميل يكمن في مخيلتنا… نمني النفس به أن يتحقق… تحياتي لصديقي النبيل… طائر المهلهل، الذي أستــعين بجناحيه الكبيرين لأحلق بعيداً… وأزور مدني وأعاود ومن ثم أرتحل ثانياً… وهكذا فالرحلة تطول.

وقبل الولوج لمتابعة تجوال هذا المعرض، لابد أن أنوه إلى ان (طائر المهلهل) الذي يتخذه المبارك في كل أعماله، كرمز متوازن ومتوازي مع أسلوبه الفني والفكري، هو طائر صغير

يتميز بمنقار جميل يميل إلى الحمرة، وتنعكس الوان البيئة الشرقية، على ريشه الأبيض الناصع، ليعكس خلاله قزحاً ملوناً جديداً… ويتخذه أغلب الناس في جنوب العراق، رمزاً مبشراً بالأخبار السارة، والأكيدة.

لقد أستقى المبارك تجربته الفنية والفكرية، منذ أكثر من أربعة عقود من البحث والتقصي في مجال الاسطورة والحكاية الشعبية العراقية، التي فيها عبق الإنسانية الخالدة، منذ حاول كلكامش البحث عن الخلود في الأرض.

المبارك، رغم من تخصصه الأكاديمي في- فن النحت- (دبلوم/ بكالوريوس) ومارس التدريس فيه لسنوات، إلأ انه يجيد الإستلهام الموضوعي أيضاً، بالرسم الزيتي والأكريليك والتخطيطات بالحبر والفحم، مما ساعده فن الرسم للابداع – كماً ونوعاً- في طرح عشرات الأعمال التعبيرية، الذي جسد فيها أروع نتاجاته، حيث غاص عميقاً في أول غابة كونية وارفة الأغصان والأشجار، وجامعة كل حيوانات الطبيعة الزاحفة والراجلة، المفترسة والأليفة … إنها (الغابة) البكر، حيث فطرة الإنسان، – آدم وحواء – الطبيعية، وعذريتهما الصحيحة، من دون نوازع الشر والعدوان، مجردين حتى من ورقة التوت، لطهارتهما وعفتهما.. لا خيانة ولا بغض.. لا شك لا حسد، يربطهما أولاً وأخيراً، الحب الإنساني الخالص.

جميع أعمال المبارك، تنتمي موضوعاتها أو أهدافها التعبيرية إلى المذهب السريالي بمفردات (واقعية/ رمزية)… فمجرد ان وجد العالم النفسي – فرويد – مفتاحاً لتعقيدات الحياة في مادة الاحلام، وجد الفنان السريالي، أفضل إلهام له، والمســــألة ليست في انه يقدم تمثيلاً تصويرياً لصور الحلم، فهدفه على الأغلب هو انه يستخدم اية وسيلة تساعده على التقرب من محتويات – اللا وعي – المكبوتة، وبعدها يمزج هذه العناصر الشكلية لانماط الفن الاعتيادية.

ومع ذلك أتخذ المبارك، من رمزياته الواقعية للتنبوء الرؤيوي ” المستيقظ ” إلى طبيعة المستقبل والعالم المثالي الجـــديد، بعيداً جداً عن مخلفات الدمار الإنساني المتحضر، وضوضاء الازدحام السلبي المـــــفروض على واقعنا.

هي تلك غابة الفنان المبارك، الرومانسية المفترضة، مورقة الاشجار والأغصان متدلية القطوف، يعيش فيها الجميع بطمأنينة، لا خوف من مجهول أو غدر مخادع، آمنة غير موحشة، حت الحيوانات التي تعيش فيها جميعها متآلفة ومتعـــــاونة مع بعضها البعض، ليس هــــــــــناك قوي أو ضعيف، لا فرق بين أفعى تزحف على الأرض، أو طائر محلق في السماء… إنسان هذه الغابة ليس له مطامع ظاهرة أو دفينة، غير العيش بسلام ولذة الحياة، وهو يستمتع بمشاهدة الطيور ذات الأجنحة البيضاء وهي ترفرف حرة في الفضاء الشاسع، لتتعانق مع الأوراق الملونة بالأخضرار والبنفسجيات، وهي ألوان تجمع بين الحب والحكمة والنمو والأمل والحياة والخصوبة والنـــبل العالي والخلود والصـــــداقة والألــــفة والوفاء…

وتظــــــــــــــل الغابة الرؤيوية عند فنـــــاننا المبارك، وصـــــــديقه الرمز طائر المهلهل ذكرى الماضي البعيدة، الذي يقتــــــــــــرب فيهما شيئاً فشيئاً… إلى عـــــــــــالمه الساحر، كذلك منحوتاته الرائعة التي تضئ بتعــــــــبيراتها… بعض من العتمة التي نعيشها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح