حمري بحري ، حبيب مونسي والنقد.../ حبيب مونسي

 حمري بحري ، حبيب مونسي والنقد.../ حبيب مونسي


كتب صديقي الأستاذ الفاضل "الأمين بحري" في تعقيب له يقول:
"على الناقد ان يتحمل مسؤوليته تجاه منجزات عصره غثها و سمينها .. فيوثق حالتها و يبين عللها و ما عليها وما لها.. باعتبارها ظواهر مجسدة أمامه.. لا أن يتعامل معها بميزاجية و براغماتية بحسب حالته هو وليس حالتها:.. فما وافقه عالجه وما اختلف مع عقليته ومزاجه أخرجه من إطار الظاهرة والحالة الثقافية والحضارية. "..
=====
إنها "وقفة" في كلامه تشير إلينا أن هناك ضربين من النقاد: ناقد ينخرط في عصره، ويتحمل مسؤولية تسجيل منجزاته كلها.. غثها وسمينها لأنها مجسدة أمامه. وناقد يتعامل مع تلك المنجزات بمزاجه الخاص فيتخير منها ما يوافقه ويترك مالا يوافقه.. وأنه يفضل الأول لأنه مثل الطيب لا يعاف المرض ولا المريض وإنما يحتم عليه عمله التعامل معهما على صعيد واحد. غير أنني لا أرى اختلافا حادا بين الناقدين، ولا أجد للطبيب من مزية إن هو خرج عن إطار وظيفته وراح يعالح الحيوان أو النبات.. ومنجزات العصر -كما يعلم صديقي- ليست منجزات أدبية وفنية، وإنما هي منجزات كل القطاعات، وكل الجماعات، وكل الأشخاص.. وحينها إذا خرج الناقد يُحدث في الاقتصاد فقد أحدث خروجه طفرة في التخصص..
فإذا كان للروائي أن يصور "الحياة" أو على الأقل شريحة منها، فإننا نطلب منه أن تكون هذه الشريحة صادقة في عرض "الحياة"، صادقة في مقاديرها ونسبها، فلا تضخم شيئا على حساب شيئ آخر، وأن تكون نظرتها موزعة بالتساوي على القضايا التي تثيرها، كما نجد تساويها في الحياة التي نحياها.. ولكننا حينما نجد الروائي يقصر نظرنا على زاوية معينة -أيا كانت قيمة تلك الزاوية- فإن للناقد أن يتساءل: ما الداعي إلى ذلك اقصر. وهو ينتظر من جملة الصنيع الأدبي أن يجيب عن السؤال المطروح..
وعن نفسي اصالة أقول إنني أنصرف عن القراءة حينما لا أصادف في النص هذا البعد الذي يعطي للعمل انسجامه وتكامله.. لأنني لا أريد أن أتوه في دهاليز متاهة لا أول لها ولا آخر.. كل ما فيها "تأثيثات" هنا وهناك، وكأنها متكأ للاستراحة نداعب فيه بعض شذوذ النفس، أوتوقها، أوحرمانها....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح