الطابو.. إساءة فهم...أم إساءة قصد؟؟ / كتبه حبيب مونسي.
الطابو.. إساءة فهم...أم إساءة قصد؟؟
كتبه حبيب مونسي.
======
إن مصطلح الطابو يُساء فهمه نقديا حينما يجريه النقاد على ألسنتهم. فهم يكتفون بالانزيحات الدلالية التي لحقت به . ولا يكلفون أنفسهم العودة التأثيلية للكلمة. حينها تتكشف مسافات الاختراق في المصطلح والاستعمال.. إن أول من فتح علينا باب المحرم في الرواية هو جورج طرابيشي بكتابه أزمة الجنس في الرواية العربية.. وكتابه الثاني شرق غرب رجولة وأنوثة... وهنا تحدث الرجل عن خلو الرواية من اللقطات الجنسية واعتبر ذلك أزمة.. ومنه تنادى المقلدون، وعلت الأصوات التي لا هم لها إلا ترديد الصرعات الجديدة، وأضحى الكلام عن فقدان الجنس في الرواية -والشعر كذلك- أمرا لا بد من كسر الحجر عنه، ورفعه في صفحات عارية للقراء... ونسي هؤلاء جميعا أن الغرب حينما كتب في الجنس جعل في المكتبات تصنيفا أفرد فيه للرواية الجنسية بابا سماه: الأدب الإيروتيكي ثم البورنوغرافي... وللقارئ الحرية في أن تمتد يده إلى هذا الكتاب أو ذاك..ولن تجد في أي مكتبة من المكتبات المحترمة في فرنسا أو غيرها خلطا لهذه الأصناف في رف واحد... فكم من مكتبة جعلته في زوايا لا يصل إليها المراهقون والأطفال...
لقد افتعل جورج طرابيشي قضية كاذبة ليجعل منها أزمة في صلب الرواية العربية، وصدقه نقاد ربطوا القضية بتحرير المرأة وعادوا بها بعيدا إلى مصطفى أمين وغيره ممن تحدث في تحرير المرأة اجتماعيا وليس أخلاقيا ومزجوا ذلك بالدين والتدين.. وتدخل على الخط نقاد أقباط، وآخرون مسيحيون، وأطراف يسارية عربية متحللة، واتفقوا جميعا على كسر طابو الجنس... ولكن بمعنى تحويل صفحات الرواية إلى مخادع تُسيل لعاب المحرومين من أمثالهم اللاهثين وراء المتع الرخيصة... ولم نجد في كتابات هؤلاء من أوقف قلمه مع بائعة هوى ليشرِّح من خلالها وضعا ثقافيا أو اجتماعيا.. ولم نجد في أدبهم فقرات ترتفع عن الممارسة والاستمناء إلى شيء من التفلسف في أسباب الحرمان الجنسي لدى الذكور والإناث.. لم نجد في حديثهم عن الزواج والطلاق في القرى والمدن ما يشير إلى الجهل بهذا البعد الطبيعي الفطري في الإنسان... كلهم وصفوا جناية الغني على الفقيرة.. والقوي على الضعيفة.. والمحتال على المغرر بها.. وصفا تجده في جلسات المحاكم عارية فجا حقيرا...
أنا من الذين يريدون للفن أن يكون فوق المتعة الزائلة رسالة إلى الإنسان.. أيا كان دينه وأيا كانت ثقافته.. فحينما تقرأ للتركي أو اللاتيني أو الصيني فأنت تقرأ لإنسان لم يجد لفكرته ونضاله سوى السرد يعيد من خلاله بناء عالم يمكِّنه من مناقشة أدوائه وعيوبه... إن الروائي حينما يبني عالمه المتخيل إنما يفعل ذلك لأنه يريد أن يقدم لعين القارئ شريحة اجتماعية يجري فيها التعديلات التي يراها ضرورية في الحياة... وإلا لصارت كتابة الرواية ضربا من العبث..
كتبه حبيب مونسي.
======
إن مصطلح الطابو يُساء فهمه نقديا حينما يجريه النقاد على ألسنتهم. فهم يكتفون بالانزيحات الدلالية التي لحقت به . ولا يكلفون أنفسهم العودة التأثيلية للكلمة. حينها تتكشف مسافات الاختراق في المصطلح والاستعمال.. إن أول من فتح علينا باب المحرم في الرواية هو جورج طرابيشي بكتابه أزمة الجنس في الرواية العربية.. وكتابه الثاني شرق غرب رجولة وأنوثة... وهنا تحدث الرجل عن خلو الرواية من اللقطات الجنسية واعتبر ذلك أزمة.. ومنه تنادى المقلدون، وعلت الأصوات التي لا هم لها إلا ترديد الصرعات الجديدة، وأضحى الكلام عن فقدان الجنس في الرواية -والشعر كذلك- أمرا لا بد من كسر الحجر عنه، ورفعه في صفحات عارية للقراء... ونسي هؤلاء جميعا أن الغرب حينما كتب في الجنس جعل في المكتبات تصنيفا أفرد فيه للرواية الجنسية بابا سماه: الأدب الإيروتيكي ثم البورنوغرافي... وللقارئ الحرية في أن تمتد يده إلى هذا الكتاب أو ذاك..ولن تجد في أي مكتبة من المكتبات المحترمة في فرنسا أو غيرها خلطا لهذه الأصناف في رف واحد... فكم من مكتبة جعلته في زوايا لا يصل إليها المراهقون والأطفال...
لقد افتعل جورج طرابيشي قضية كاذبة ليجعل منها أزمة في صلب الرواية العربية، وصدقه نقاد ربطوا القضية بتحرير المرأة وعادوا بها بعيدا إلى مصطفى أمين وغيره ممن تحدث في تحرير المرأة اجتماعيا وليس أخلاقيا ومزجوا ذلك بالدين والتدين.. وتدخل على الخط نقاد أقباط، وآخرون مسيحيون، وأطراف يسارية عربية متحللة، واتفقوا جميعا على كسر طابو الجنس... ولكن بمعنى تحويل صفحات الرواية إلى مخادع تُسيل لعاب المحرومين من أمثالهم اللاهثين وراء المتع الرخيصة... ولم نجد في كتابات هؤلاء من أوقف قلمه مع بائعة هوى ليشرِّح من خلالها وضعا ثقافيا أو اجتماعيا.. ولم نجد في أدبهم فقرات ترتفع عن الممارسة والاستمناء إلى شيء من التفلسف في أسباب الحرمان الجنسي لدى الذكور والإناث.. لم نجد في حديثهم عن الزواج والطلاق في القرى والمدن ما يشير إلى الجهل بهذا البعد الطبيعي الفطري في الإنسان... كلهم وصفوا جناية الغني على الفقيرة.. والقوي على الضعيفة.. والمحتال على المغرر بها.. وصفا تجده في جلسات المحاكم عارية فجا حقيرا...
أنا من الذين يريدون للفن أن يكون فوق المتعة الزائلة رسالة إلى الإنسان.. أيا كان دينه وأيا كانت ثقافته.. فحينما تقرأ للتركي أو اللاتيني أو الصيني فأنت تقرأ لإنسان لم يجد لفكرته ونضاله سوى السرد يعيد من خلاله بناء عالم يمكِّنه من مناقشة أدوائه وعيوبه... إن الروائي حينما يبني عالمه المتخيل إنما يفعل ذلك لأنه يريد أن يقدم لعين القارئ شريحة اجتماعية يجري فيها التعديلات التي يراها ضرورية في الحياة... وإلا لصارت كتابة الرواية ضربا من العبث..
تعليقات
إرسال تعليق