الفنان التشكيلي كرو سليمان ( أمير عباد الشمس ) ألم يحن كي يترجل الإمارة .....؟ / مراسلة "غريب ملا زلال"


الفنان التشكيلي كرو سليمان ( أمير عباد الشمس )
ألم يحن كي يترجل الإمارة .....؟
.............................................
أمير دون إمارة فهل سيشد الرحال إلى إمارة قد لا يكون فيها أميراً , ربما أخذ لنفسه حيزاً جميلاً من هذه الإمارة الجديدة , و سيكون له ذلك , لأنه يملك المفاتيح , بها سيلج و بخطوات كلها ثقة , فكرو حاول كغيره من الفنانين أن يكون له صومعته الخاصة , فيها يمارس كل طقوسه الفنية , وكان له ذلك , ولكنه بقي محبوساً في دائرة ستضغط عليه حتى تخنقه , فهو يستلهم جل أعماله من الطبيعة , ولهذا جاءت تسجيلية على طول التجربة , ولهذا إذا كان جاعلاً من نفسه أميراً لعباد الشمس , فأعترف ومنذ الآن بأنه خير من حكم هذه الامارة , ولهذا كان يسيطر على ألوانها بقدرة فائقة , خاصة البنفسجي فهو يديرها بالجهة التي يشاء , وقد تعني له مكنوناً خفياً فيها من المتعة والحس الخاص الشيء الكثير , فهي مع الحاشية الأخرى إذا كانت تشكل له رمزاً للطفولة والبراءة والسعادة والأمل حسب قوله , إلا أنها إنطباعات لمشاهد إستمدها من بيئته الريفية الغنية بهذه المفردات التي يقدمها للمتلقي بنجاح مرموق .
ومن الواضح جداً أن علاقته مع الأصفر و الأزرق و الأحمر هي علاقته مع شقائق النعمان و الأقحوان و عباد الشمس .


فكرو له حلم بإختراق الجدار الأصعب عبر طرحه أسئلة كثيرة ويجيب عليها فيما بعد بلغة تشكيلية مكلفاً نفسه و دون إختصار بأن السعي نحو مشروع كان قائماً بالنسبة له منذ زمن تعيد , دون أي إنفصام عن الواقع حيث يعتمد كثيراً في تفسير مؤشرات يوزعها خلال عمله عبر كل المعايير الصغيرة منها و الكبيرة , المفهومة منها والمبهمة , ولهذا تأخذ الحقائق عنده بالبحث والتعقيب و الطرح , ومن الصعب عليه أن يتجنب الإحتكاك الفاعل فعلها فيه على نحو عميق , و لهذا فهو يحتاج إلى مبادرة ذاتية يكسر فيها كل العلاقات القائمة بينه و بين السبل الذي يسلكه , فعليه بإرساء قواعد أخرى ستساعده كثيراً في وضع يده على تفاصيل الإشكاليات التي ستخلق هنا و هناك أمام إستمرارية المبادرة بتأثير النتائج فيه فيما بعد , مع سيطرته المسؤولة والكبيرة على لغته التشكيلية ومفرداتها , فهو يرفض التمرد والتمرد فيه قائم , ويرفض التجريب والتجريب فيه قائم , ويرفض التجديد والتجديد عنده قائم , لهذا على كرو ألا يخشى إستعمال الذاكرة القريبة لأنها بدورها سترتكز بدورها على الذاكرة البعيدة , والتي ستمده بخصوصيات نوعية تغلب عليها إعتبارات معلنة بأغلبية راجحة , تلخص دواخله مع الإشارة إلى تأثير الريف فيه بقوة الماء والأوكسجين , و هو يبحث في إشكاليات قد تكون عالقة بشمول الدور الذي يحتاجه في إعادة تقييم سلسلة الأعمال التي أنتجها عبر زمن بعيد , غائر في الطين والحقول والبراري , فجل إهتمامه يذهب ألى فان كوخ و عباد شمسه ليستعير منه هذه اللوحة ويبني عليها إرثاً جميلاً من الأعمال , و هذا يصدع تجربة كرو رغم فيه من الحريق الفني ما يليق بتجربة متميزة بعيدة عن عباد الشمس و عن امارتها , ليس تماماً و إنما كركيزة تسمح له بالإقلاع نحو سموات أخرى 




فالعلاقة بين كرو ومشروعه كإنشاء إمارة لعباد الشمس ويكون هو أميراً عليها هي علاقة تمتد إلى دواخل كل الجهات , عبر تنوع إنتاجي في صيغة واحدة تصيب في النهاية و إلى حد الواجب في زاوية ضيقة ستكون عائقاً كبيراً أمام كرو في فك طلاسم كل التعقيدات التي يواجهها وبالتالي يبدأ في الإجابة على كل التساؤلات المرغوبة فيها والقاهرة للروح , لا شك أن كرو و بإعتباره يتكأ على ثقافة تشكيلية تمتد في الزمن طويلاً , لا بد له من عملية إنقلابية , ليترك الإمارة و شأنها , و يحمل فرشاته و ألوانه ويتسكع في أروقة البؤساء و المتعبين , فأنا على يقين بأنه سيقفز قفزة نوعية حتى على صعيد الأسلوب أيضاً وبالتالي على صعيد المكانة , أي أنه سيكون قادراً أن يأخذ حيزاً لا بأس به من الفضاء التشكيلي , فصحيح أنه كان يشغل أميراً لعباد الشمس , لكن هذا العباد جره إلى أقبية مظلمة , فهو يحتاج إلى حياة أخرى , إلى أن يكون عباداً لا أميراً , إلى الإنخراط مع التجريب , والتجريب فقط 


و لأن كرو أكثر من حكم إمارة عباد الشمس و أدارها بإتقان , و يعد من ألمع من يقبض لحظة الوعي ولحظة الشعور في إقترابه من عالم عباد الشمس دون الإرتكان على التعميم الذي يستدعي تحولان عميقة في الأسلوب كهوية أولاً و كقيمة فنية ثانياً , فالمسافة بين الخصوصيىة المعرفية و الخصوصية الفنية تكاد تلجم , ولهذا هو يفضح عن مقولته وفق المقصد الإنسانوي ببذله جهوداً ثمينة في ترجمة تلك الخصوصيات وبنهوض إستراتيجي رسمها لنفسه عير تحقيق مبادلات جدلية ضمن سياقات لإمتدادات مستقبلية تخدم رؤيته و بالتالي تخدم في إضفاء الشرعية على عمله .
فهل الأمير كرو سيترجل ويترك الإمارة وينخرط في الشارع الفني العريض ويأخذ مكاناً يليق به تماماً , أم أن جل حلمه يتوقف ( بعد عمر طويل ) أن يرقد في مقبرة ستحف بها زهور عباد الشمس التي يولع بها كما رقد فان كوخ .
jan gino ....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح