بوكرش محمد بقلم الشاعر التونسي حميدة الصولي
بوكرش محمد بقلم الشاعر التونسي حميدة الصولي
الجزائر منحوتة بوكرش محمد متحف زابانة وهران
في 8 نوفمبر 2009 الساعة: 13:18 م
احميده الصولي
بوكرش محمد
"أنا من متعددي المواهب كما يقال، بدأت معلما وما زلت معلما، وأنا نحات فقط عند الضرورة مثل ما أني رسام كذلك. ومثلما أعبِّر
بتلك الوسائل، أعبر أيضا بالكتابة، وليس لي مشكل نهائيا، ما عدا في اختيار الوسيلة التي ينبغي أن تضمن ما أريد إيصاله للآخر أو الوسيلة التي تمكنني من لمس ما أعجز عن لمسه بأصابعي أو بيدي، كأنْ أُبحرَ في بواطن نفسي وبواطن الآخرين دون إيذاء هذا أو ذاك، بل بتواطؤ منهما، واستمتاع الاثنين معي بذلك" هكذا يقدم الفنان الجزائري محمد بوكرش شخصيته كمبدع، هو من مواليد دار الشيوخ أولاد سيدي بن علية، الجلفة بالجزائر، يمارس الفعل الإبداعي في مستويات عدة لما يزيد على نصف قرن من الزمان.
فقد تخرجَتْ على يديه أجيال من الفنانين ولا تزال، وهو خريج المدرسة الوطنية الجزائرية للفنون الجميلة سنة 1979 وهي السنة التي حصل فيها على الجائزة الكبرى في مجال النحت، تلك التي نظمتها وزارة قدماء المجاهدين بالجزائر، علما
بأنه قام بتدريس مادة النحت من 1980 إلى 1982 بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة.
وهو كاتب ومحاضر في مجالات الفن التشكيلي وينتج البرامج الإذاعية والتلفزيونية، اعتبره المعهد الأمريكي لدراسة السير رجل العام 2004. يشتغل أستاذا للتربية التشكيلية منذ سنة 1984 إلى اليوم. حاصل على ميداليات ذهبية وفضية من التظاهرات المختصة في الفنون التشكيلية، وطنيا ودوليا.
أنجز النحات محمد بوكرش "منحوتة الربيع" العملاقة سنة 2000 في الملتقى الدولي للنحاتين بشانق شون الصين الشعبية. وهي منحوتة ذات ارتفاع ثلاثة أمتار و 11صم من الرخام الأبيض. وتوجد بمتحف الأعمال العملاقة بشانق شون، كما أنجز منحوتة على الزنك البارز في120X80 صم بعنوان ‘البحث عن المفتاح’ وهي بحوزة السيد والسيدة بيراز دي كويلار. توجد أعماله بمتاحف عديدة في العالم وأخرى لدى الفنانين والأدباء. هو رسام مبدع ونحات من الطراز الجيد على مختلف الخامات، إلى جانب كونه مؤلفا ويكتب بعديد المنابر الإعلامية بالجزائر وخارجها.
وهو يقول جوابا على سؤال حول سبب اختياره من قبل المعهد الأمريكي لدراسة السير باعتباره رجل العام 2004 : سبب ذلك يرجع إلى الشهادات الملموسة ممن التقيت بهم من رجال الإعلام والفنانين على اختلاف تخصصاتهم ومشاربهم وتوجهاتهم بالداخل والخارج، ما صنع سيرة ذاتية لبوكرش، إلى جانب ما هو موجود من أعمال فنية بالمتاحف الوطنية والدولية. واختياري كرجل السنة 2004 من قبل المعهد الأمريكي، لا يرقى بالمستوى ولا بالقيمة ولا حتى بالشهرة إلى مستوى وقيمة الإنسان المتحضر في الشخص الصيني الذي توج عملي المنحوت، بأكبر متاحف الصين للأعمال العملاقة، بـ’منحوتة السلام’ وشهادة الاستحقاق الذهبية.
هو يجتهد في تقديم الفن التشكيلي من خلال البرامج الإذاعية وعبر مداخلاته وكتاباته ودروسه لكي يغرس في ذهن المتلقي أن الفن التشكيلي ليس مجرد ألوان وخطوط وأعمال تزين البيوت والصالونات، بل هو ممارسة رياضة ورياضيات لحساب معادلات قيم الأشياء فيها، التي يراهن عليها لحياة أفضل، بطلها إنسان في ميدان، الرابح والخاسر فيه إنسان، بآليات الإيقاع بالإشارة والمجاز، بالتشبيه والاستعارة.
منحوتة الربيع متحف شانق شون الصين الشعبية بوكرش محمد 2000
وحين سئل عن أفضل أعماله وما سبب ذلك قال : العمل الفني الوحيد الجدير بالتنويه هو ذلك الإنسان الذي يسكنني، هو شغلي الشاغل، أبذل جل جهدي يوميا في خدمته لئلا يخون ويغادرني. والخيط الذي يربطني به دائمُ المد والجزر، بين الضعف والقوة، والخوف كله من لحظة الضعف، لذا فإن عملي الفني المحبوب والذي أفضله، هو الذي يعوض ذاك الضعف بالقوة ويمتن رباطي بذاك الإنسان، وبقدر ما نلمس في تصريحاته من الهدوء والعقلانية، فإنه في أعماله يشعرك بتجاوز المنطق أحيانا، خاصة في تخطيطاته، متحديا لهارتونغ ومستهزئا من دي بوفي ومؤكدا حركته السحرية في تشكيل اللحظة المبدعة عبر الخطوط واندفاعاتها، ومن خلال الألوان وتصادماتها، استجابة لرغبة المواد النحتية في ترسيخ ما يعتمل في الحس والذاكرة واليقين. أما المواد الأخرى، فالرجل يؤكد أهمية التحاور معها واستجلاء خصائصها حتى لتكاد تنتسب إليه. وفي كل أعماله، يؤكد محمد بوكرش حضور الذات والهوية والخصائص الطبيعية والبيئية التي تميزه كمبدع أنتجته المحن وشحنه الإيمان بالإنسان حبا في الإنسان.
H_souli2@yahoo.fr
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://soulih.maktoobblog.com/1608736/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%88-%D9%83%D8%B1%D8%B4-%D8%B1%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%8C-%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86/
تعليقات
إرسال تعليق