النّص منَ الإديولوجي إلى الإديولوجي / مجذوب العيد




النّص منَ الإديولوجي إلى الإديولوجي


 مجذوب العيد

يفتقد الناقد دوما إلى تعطيل الإيديولوجي في ذهنه وميولاته النّفسية وهو يحاكم مجموعة نصوص تقع في زمن ما في مكان ما في شروط ما ...
لذا هو يفتعل الداء ويضع الدواء على طريقة (( المنجمين )) أو (( العرافة )) 
ما لم نصل إلى فهمه دوما هو هذه الميزة المستقلّة للنّص الحيّ عن كلّ تأسيساتنا الفلسفية بغض النّظر عن ما يتحدّث عنه ... عن شراسة المعنى في أعماق النّفوس وعن تخلّله الوسائد والأنفاس ..!!
ما يزعج فعلا ً هو أن يقع النّص فريسة للإيديولوجيات وأن يكون ضحيّة لرؤية بهيمية أحادية تبحث عن هويّة أو تنافح عنها فنقتل المبدع ظاهرًا ونحييه تاريخيا لأنّ النّصّ ثابت بحروفه في صفحة ما في كتاب ما في أفئدة ما ... كم هي عدد النّصوص الجميلة التي قتلها النّاقد ؟ بالمقابل ... كم هي النّصوص التي تآمر عليها كثيرون لكنها لا زالت حيّة في نفوس الخلق ؟
إن ّ الأدلجة ليست معيارا وإن عدم الأدلجة ليست معيارًا أيضا ... إن ّ الشّكل والمضمون ما كانا يوما كفيلين بضمان الجودة وإنما هي روح أخرى تماما للنّصّ تنبعث من عمق الإنسان في إطار احترافيّ طبعا ...
لكنّ ليس الاحتراف من يضمن حياة النّصّ وإنما البصيرة والفراسة و صدق الذات مع دواخلنا الكثيرة ، مع الحروف ذاتها ، مع السّمو ّ الرّوحي وقت توالد الإبداع ...
ما بتّ أخشاه فعلا هو هذه المحاكمة العنيفة لفترة ما أو نصوص ما وسحبها من سياقها الإيديولوجي إلى سياق إيديولوجي آخر يؤمن به النّاقد وهو يظنّ أنّ هذا الفعل هو تعرية للآخرين وينسى أنها تعرية لنفسه ولشخصه من حيث لا يعلم ...
إن ّ المحاكمات بهذه الطريقة سوف تجعل أيّنا يتوّهّم أن غيره ليس بشيء ما دمنا نعمل بما يسمى انسحابا لأي إبداع من زمكانه إلى زمكان آخر ذو مواصفات تختلف ...
المعاصرون حاليا يظنون أنهم ليسوا تحت أي تأثير إيديولوجي وهم في حقيقة الأمر ينفذون خططًا إيديولوجية بدون أي انتباه ولا قراءة لمستقبل ما يفعلون ... فما العمل ؟ 
ببساطة ... لا حرج في أن نقع في أي منطقة عقدية فكرية ... ليس هذا هو المهمّ ... المهمّ هو : هل ما نكتب هو جميل في ضمير الإنسان وممتع و يثير لديه مشاعره فعلا و ميولا ته أم عليه أن يكون جامعيا ليفهم اصطلاحاتنا في العمل ؟؟؟ 
هل ما نكتب جميل بلاغيا أم لا ؟ 
هل ما نكتب هو اهتمام نشعر به أم هو ادعاء نفتعله ونؤسس له ؟
هل ما نكتب مدمّر ؟؟ فالبناء رسالة الأئمة للأسف !!! 

(( مرتجل )) ......

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح