توابل / الشاعر الجزائري عبد القادر رابحي / كتب الخبر: السيد حسين



توابل / الشاعر الجزائري عبد القادر رابحي: بعد الربيع العربي لا شعراء يكتبون القصيدة
الشاعر الجزائري عبد القادر رابحي: بعد الربيع العربي لا شعراء يكتبون القصيدة

الاثنين 18 مارس 2013


انتقد الشاعر الجزائري عبدالقادر رابحي المشهد الشعري العربي الراهن، وقال إنه لا يوجد شعراء يكتبون الشعر إنما شعراء يحاولون كتابة الشعر، مشيراً إلى وجود تجاذب فكري ونقدي ومعرفي حول أسبقية المرجعية المشرقية في تحقيق الحداثة الشكلية في المدونة الشعرية الجزائرية. معه كان الحوار التالي.

كتب الخبر: السيد حسين


كيف ترى المشهد الشعرى وما وصل إليه بعد ثورات الربيع العربي؟

من الضروري القول أولاً إن الشعر بداية ونهاية ومحطة لا يمكن المراهنة على الذات لأجل الوصول إليها، وأكاد أقول إنه لا يوجد شعراء يكتبون الشعر وإنما شعراء يحاولون كتابته. ومن وجوه محاولة كتابة الشعر التعبير عن موقف مما يجري حول الشاعر ومما يواجهه في حياته، رغم أنه لم تعد للشعر مكانته المؤثرة التي كانت له قديماً، وهنا تكمن القدرة على أن تكون شاعراً وتضاف إلى موسوعة الشعراء الاسمية.

بين دواوينك المختلفة «الصعود على قمة الونشريس»، «حنين السنبلة»، «أرى شجرا يسير»، و{حالات الاستثناء القصوى».. وغيرها، كيف ترى تلك الرحلة الأدبية وأي من أعمالك أقرب إليك؟

العبرة ليست في العدد، وإنما هي رحلة تشعرك أنك ما زلت في بداية الطريق. لا أجزم بعد ثمانية دواوين مطبوعة بأي فكرة ثابتة عمّا يمكن أن أسمّيه تجربتي الشعرية، لا يوجد «بارومتر» ثابت لتحديد درجة الحمض الشعري في دم الشاعر. ثمة حالات صحو من الكتابة وحالات غفوة عنها حتى كأن لا علاقة لك بها تماماً، ولذلك لا يمكن أن أختار بين الدواوين.

في ديوانك «على حساب الوقت» تسود لغة التخفي وتكتفي بالإشارة، لماذا؟

ديوان «على حساب الوقت»، الذي ترجم إلى الفرنسية وينتظر النشر، يعتمد على قصيدة الومضة التي تعتمد بدورها على تقنية التكثيف في تحقيق الرؤيا النائمة في جوهر اللغة. من هنا الاعتماد على الإشارة للتدليل على بعد الفكرة الشمولي كما يطرحها الشعر في علاقته العميقة مع الذات ومع المجتمع، وقد كُتبت عن هذا الديوان وغيره رسائل جامعية عدة تبحث في الرؤية المجردة التي تطرحها قصيدة الومضة من حيث وقعها وأثرها على القارئ، ورأيي هنا لا يهم كثيراً بالنظر إلى رأي النقاد.

في كتابك أيضاً «النص والتقعيد» دراسة موسعة عن الشعر الجزائري في مرحلة السبعينيات، كيف ترى موضع الشعر الجزائري راهناً ومكانته في الساحة العربية؟

ثمة تجاذب فكري ونقدي ومعرفي لا يزال موجوداً إلى اليوم حول أسبقية المرجعية المشرقية في تحقيق الحداثة الشكلية في المدونة الشعرية الجزائرية أو عدم أسبقيتها، وهل كانت المرجعيات الشكلية العروضية سبباً في التحولات الشكلية التي طرأت على النص الشعري الجزائري، خصوصاً في فترة السبعينيات من القرن الماضي، حيث كان للمواقف الأيديولوجية المتصارعة أثر في الكتابة بالعمودي (الموزون) أو بالحر (التفعلية)، والكتاب، وهو في جزأين، حاول أن يدرس جذور معركة الأشكال الشعرية وأثرها في تثبيت الحداثة الشكلية في المدونة الشعرية الجزائرية المعاصرة.

العمل الذي لا يحتوي على ذاكرة يموت سريعاً فإلى أي مدى تحرص على وجود الذاكرة في كتاباتك؟

النصوص ذاكرة النسيان ومرفأ الكلمة واستدراج الصدى إلى حيث الإصغاء. كل كتابة هي تثبيت للحرف الفعل في الذاكرة، وكل خطوة باتجاه المستقبل هي ترسيخ للذاكرة في مستقبل النص، والنصوص كافة، ومن ضمنها نصوصي، لا تخرج في نظري عن هذا التصور. من هنا يأتي الحضور القوي لتاريخ الجزائر المعاصرة الآني أو لتاريخها في دواويني.

ماذا عن مفهوم الحداثة في الساحة الأدبية في الجزائر؟

يطرح الاشتغال النقدي على المدونة الجزائرية ضرورات تصبح هاجساً عندما يحاول الباحث في مسائل الحداثة الشعرية أن يحققه في نصوصه الشعرية. ويبدو لي أن دور الشاعر هو التجريب، ما يدن الحداثة الشعرية لأن الانغلاق على نموذج فريد في الكتابة قتل للكتابة الشعرية خصوصاً وقتل للغة التي هي أداة الشاعر الوحيدة وغايته في الوقت نفسه، وهذا ما تسعى أسماء شعرية عدة إلى تحقيقه بصيغة اللحظة الحديثة بما تحمله من وعي بالذات وبالعام.
يتهم البعض قصيدة النثر بأنها مجرد خواطر شخصية لا ترقى إلى مستوى القصيدة العمودية، فما تعليقك؟

هذه وجهة نظر يجب احترامها، رغم أن قصيدة التفعيلة تعرضت منذ ميلادها إلى هجوم لا يزال متواصلا من طرف الرؤية المحافظة، ومع ذلك فقد أصبحت هي نفسها كلاسيكية بالنظر إلى التراكم النصي والنقدي الذي حققته، وإلى الاقتراحات التجديدية التي أبانت عنها قصيدة النثر، حتى وإن كانت ما زالت غير مفهومة. الغريب أن آليات التجريب لم تتوقف ولا يمكنها أن تتوقف، وتبدو قصيدة النثر في حد ذاتها قديمة جداً الآن مقارنة مع ما يقترحه العصر الذي يسيطر عليه المنطق الرقمي من إمكانات مذهلة في توليد رؤى أجناسية جديدة جديرة بتحقيق منظورات جديدة للكتابة الشعرية تبدو غريبة كما كانت تبدو قصيدة التفعيلة عندما كتبها كل من نازك الملائكة والسيّاب.

بمن تأثرت في كتابتك الأدبية والشعرية؟

مفدي زكريا، شاعر الثورة الجزائرية من الجزائر، كذلك تأثرت بأعلام الشعر العربي القدامى  والمحدثين، خصوصاً السياب وأدونيس وأمل دنقل وعبد المعطي حجازي ومحمود درويش، وربما أثر فيّ بصورة عميقة دنقل وخليل حاوي.

يقول البعض إننا في زمن الرواية لأنها طغت على الألوان الأدبية الأخرى كالشعر والقصة، ما رأيك؟

تثبت شبكة التواصل الاجتماعي أننا في زمن الشعر وازددنا ترسخاً فيه رغم ما يمكن أن يوصف به من نخبوية وهي موجودة. الحقيقة أن مقولة الرواية ديوان العرب أكذوبة كبرى ما زالت تتردد منذ الثمانينيات من القرن الماضي، فلو نظرنا بمنظار العدل النقدي لرأينا أن النخبوية تنطلي على الرواية أكثر من الشعر، ذلك لأننا لم ندخل بعد وبصفة نهائية في ما يسمى زمن الرواية.

ماذا عن سقف الحرية والكتابة في الجزائر راهناً؟

في عصر الإنترنت والـ{فيسبوك»، لا يمكن الحديث عن سقف للحرية والكتابة في هذا البلد أو ذاك،  ومن اللازم علينا فهم حركة التسارع المذهل لوسائل الاتصال التي سرّعت بدورها حركة التاريخ بطريقة دراماتيكية غالباً نظراً إلى وصول المعلومة في وقتها إلى العالم أجمع. أما إذا كنت تقصد نشر الشعر والكتابة عموماً فأجيبك، بصراحة ومن دون مزايدة، أنه سقف غير محدد في الجزائر، حيث تجد كتابات هجائية على درجة كبيرة من التحدي تنشر في الصحف وفي الكتب بطريقة عادية.

كيف يمكن لنا النهوض بالثقافة والأدب العربي؟

عبر الاهتمام بتقليص مستويات الأمية المنتشرة في الوطن العربي، فأرقامها مذهلة وخطيرة على مستقبل الثقافة العربية ومستقبل هويتها.

ماذا عن جديدك في الفترة المقبلة؟

أحضر لدراسات نقدية حول الشعر الجزائري المعاصر، وتجربتين شعريتين في صدد التنضيد أتمنى أن يطّلع عليهما القارئ الكويتي بإذن الله، بالإضافة إلى أفكار أخرى لم تتبلور على الورق إلا جزئياً أتمنى لها الاكتمال.

نبذة

 شاعر وكاتب جزائري، أستاذ جامعي لمقياس الآداب الأجنبية، ويهتم بالمدونة الشعرية الجزائرية عموماً والمعاصرة خصوصاً.
من أبرز أعماله «على حساب الوقت»، «السفينة والجدار»، «مثلما كنت صبيا»، «حنين السنبلة»، «أرى شجرا يسير»، و«حالات الاستثناء القصوى».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

http://www.aljarida.com/news/index/2012591767/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%B1-%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%AD%D9%8A--%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%84%D8%A7-%D8%B4%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D9%8A%D9%83%D8%AA%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%AF%D8%A9

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح