:(رسالةٌ أدبيّةٌ إلى الشّاعر الأستاذ (عبد الحليم مخالفة / يوسف الباز بلغيث
يوسف الباز بالغيث
:(رسالةٌ أدبيّةٌ إلى الشّاعر الأستاذ (عبد الحليم مخالفة
" العملُ الأدبيُّ ..و الـمحسُوبيّةُ النّقديّـة "
أخي عبد الحليم ؛
كان المبدعُ الحقيقيُّ لا يجد نصَبا أو مشقّةً في الوصول إلى القارئ ، المتعطّشِ للأدب الجميل.مادامتِ القنواتُ الموجّهةُ لذائقةِ المتلقّي تحتَ إشرافِ و متابعةِ هيئةِ تُقدّر النّصَّ الجيّدَ و تشيدُ بقيمتِه ؛و لا تزكيةَ لعاملِ " المركزيـّة " ما دام توافدُ المحصولِ الإبداعيِّ من " الهامش و العمق" وصولا إلى بيْدرِ الثّقافةِ و الإعلام قد كفِله النّقدُ الحرُّ المحايدُ من كلِّ مكانٍ مغمورٍ!..و هل يحسنُ القولُ :" إنّ القحطَ النّقديَّ _ الذي حطَّ على مرْج كتاباتنا اليومَ _ سببُه قلّةُ ذوقٍ و تقديرٍ من أصحاب الشّأن !؟ أم هو عدمُ ٱكتراثِ بمفعولِ الكلمةِ ، و محاباةٌ لعملٍ دونَ آخر ، تمليه مصلحةٌ خاصّةٌ أو منفعةٌ متبادلة !؟"..و لن نغفلَ عن تواطُؤٍ يترصّد الطّرحَ المثمرَ ،و اللّغةَ الأصيلة ،أصالةَ القِيَم لا قدامةَ المفاهيم و الرُّؤى ، و قد طفا ماءُ الإبداع على رُبوةِ النّقدِ..و ( بلغ الزُّبى !).
أخي عبد الحليم ؛
إنّ المقارنةَ بين الأمس و اليوم غيرُ متكافئةٍ ؛ و الإبداعُ و النّقدُ في مرآة المشهدِ الثقافيّ _ بالنّظر إلى الزّمنيْن _ متوازيان ؛بمعنى أنّ إبداعاتِنا اليومَ تكاد تقاربُ الفيضَ النّقديَّ ، المؤسّسَ و الذّوقيَّ أمسِ ، من حيث الكمّ ؛و ما يكتنفُ ٱنحصارَ العرضِ النّقديِّ اليومَ _ بسلبيّاته _ يكاد يقاربُ قلّةَ الدّفْقَ الإبداعيِّ بالأمس،إذا ما نظرنا إلى توافر المنابر الإعلاميّة ، لا إلى القيمة.و إن كانتِ المقارنةُ تحمل ٱرتيابًا في التّقريبِ بين متناقضين .فهل يمكن أن نوسِّعَ في دائرةِ القلق و نحنُ نتساءل عن مصيرِ سيلٍ جارفٍ لنصوصٍ _ على ٱختلافِ مشاربِها و إمكاناتِها و قيمتها_ لا تجدُ جداولَ تصرِّفُ ٱنهمارَها ؟!
..و إن ثبتَ بقاءُ هذه الحالة على ماهي عليه ؛ فهل سيقدّر أصحابُ الحقل النّقديّ عاقبةَ محسوبيّتِهم هذه إزاءَ خليطٍ ، ضمَّ اللّؤلؤ و الغثاء بسلّةٍ واحدة!
أخي عبد الحليم ؛
أليس من حقّ القارئ أن يأمنَ على ذائقته من سلعةٍ مغشوشةٍ ؟..ساقتها إليه محاباةٌ لا خيرَ من ورائها سوى نحْت تمثالِ فارسٍ، يحفلُ بنياشينَ ، حاملٍ سيفًا على صهوةِ جوادٍ ، تتنازعُ خواءَهُ أصداءٌ، قد يكونُ حجرٌ طائشٌ سببًا في تفتّته أمامَ عيونِ معجبيه ، شملهم المظهرُ السّخيفُ بحسرةٍ متكدّسة. و إلى متى و نحن نتسوّلُ التّقديرَ من الغيرَ ، و ندّعي أنَّ لدينا رجالاً _ لا ننكر وجودَهم و قدرَهم و فضلَهم _ يؤمنون بالعمل النّقديّ المسؤول، و يبحثون عن القيمةِ الأدبيّة ،و الجودةِ اللّغوية ،و الحصافةِ الفكريّة في كتاباتنا ؟!
.. كثُرت الأسئلةُ ، و ثقُل كاهلُ الفكر بالحسرةِ و المللِ المتدفّقِ بمرارةِ الجواب ؛ و لكنّه النّزفُ الذي يتعشّقُ بُرْءَه يومًا ما ..!
عسى أن يسعني حلمُكَ مع فلسفتي الموجَعة بحلمٍ نتقاسمُ أنّاتِه.
مـحبّتي يا صديقي / أخوك الباز.
تعليقات
إرسال تعليق