أجنحة لتمثال الشياب / شعر: عبد القادر رابحي
أجنحة لتمثال السياب
شعر: عبد القادر رابحي
الاثنين, 25 مارس 2013
- 1 -
وَ كَأَنَّنَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ.. نَرَى فِي الحُلْمِ عُشَّاقًا تَلُوكُ الأَرْضُ أَجَسَامًا لَهُمْ.. وَ تَجُوعُ..هَلْ كَانَتْ سُقُوفُ الرِّيحِ نَيِّئَةَ الخِصَالِ..وَ آخَرِينَ يُعَلِّقُونَ الجُرْحَ فِي المِرْآةِ.. يَسْتَوْفُونَ عُمْرًا كَامِلاً مِنْ أَجْلِ تَحْرِيرِ القَصِيدَةِ مِنْ مَغَبَّةِ مَا يُوِزِّعُهُ الجنُودُ الوَافِدُونَ عَلَى ضَحَايَا نَكْسَةٍ أُخْرَى.. تَجَاسَرَ طَائِرٌ رَخْوٌ.. وَ غَادَرَ سَرْبَ أَجْنِحَةِ الظَلاَمِ.. تَكَوَّنَتْ فِي رَحْمِ مِرْآةِ التَّجَمْهُرِ حِكْمَةٌ تَحْمِي قَطَا الأرْحَامِ مِنْ بَارُودَةِ الثَّوَراتِ..نَامَ الشِّعْرُ فِي لَيْلِ القَطَا.. و تَرَادَفَتْ خَيْمَاتُ بَعْضِ الأَثْرِيَاءِ عَلَى ضِفَافِ الحَرْفِ.. كُنَّا صَامِدِينَ.. وَ جَاءَنَا السَّهْمُ القَتِيلُ مِنَ الرِّقَابِ..كَأَنَّمَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ تُرَابِطُ قُرْبَ أُغْنِيَةٍ تُحِيلُ إِلَى ذَوِي القُرْبَى مِنَ الأَجْسَادِ وَ الخَيْلِ المُسَوَّمةِ الحَزِينَةِ وَ البَنِينِ.. وَ فَرَّ غَيْمُ الفَيْضِ مِنْ أَعْمَاقِنَا..وَ بَكَتْ سُقُوفُ الرِّيحِ بِالأَشْجَارِ.. تَابَ النَّهْرُ عَمَّا كَانَ يَحْفِرُ مِنْ صَدًى..لاَ مَاءَ فِي بِئْرِ الفُتُوَّةِ..لاَ سَوَاعِدَ فِي جِرَاحِ السَّيْرِ.. قَافِلَةٌ وَ مَمْشَى.. وَ اسْتِكَانَةُ وَرْدَتَيْنِ عَلَى ضَرِيحٍ تَحْمِلُ الرَّايَاتُ فِي أَعْلَى مَسَاكِنِهِ الوَدِيعَةِ سِرَّ نَصٍّ لَمْ يَفِقْ مِنْ صَدْمَةِ القَصْفِ المُكَثَّفِ لَيْلَةَ الغَزْوِ التِي كَانَتْ بِهَا بَغْدَادُ أَقْرَبَ لِلسُّقُوطِ الحُرِّ مِنْ مَرْمَى حَدَاثَةِ جَمْرَةٍ تَلْهُو بِأَشْكَالِ القَصِيدَةِ كُلَّمَا غَنَّى لَهَا الشُّعَرَاءُ..تُهْنَا فِي صَحَارَى هَذِهِ المُدُنِ الشَّبِيهَةِ بِالصَّدَى..وَ كَأِنَّمَا كُنَّا عَلَى أَنْقَاضِ قَافِيةٍ تُذَكِّرُنَا بِمَا آلَتْ إِلَيْهِ سُقُوفُ أَوْدِيَةٍ تُطِلُ مِنَ البَهَاءِ عَلَى تَوَتُّرِنَا الجَمِيلِ ...
- 2 -
لَهُ الحَقُّ فِي أَنْ يُغَادِرَ ..
أَنْ يَخْتَفِي فِي الجُمُوعِ الحَزِينَةِ
أَوْ أَنْ يَمُرَّ مُرُورًا سَرِيعًا
عَلَى مَا تَبَقَّى مِنَ الحُلْمٍ فِي لَحْظَةٍ..
أَوْ يَنَامْ..
لَهُ الحَقُّ أَلاَّ يَرَى فِي المَطَارَاتِ وَكْرًا فَسِيحًا لَهُ
سَيُعَوِّضُهُ عَنْ حَنَانِ السَّمَاءِ
وَ عَمَّا تَسَاقَطَ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنْجُمٍ تَتَمَايَلُ بَيْنَ الرُّصَافَةِ وَ الجِسْرِ..
عَمَّا تَخَثَّرَ فِي قَرْيَةٍ لاَ تُحِبُّ النِّظَامْ..
لَهُ الحَقُّ أَنْ يَرْتَدِي مِعْطَفًا بَارِدَ الوجْهِ
أَنْ يَخْتَفِي خَلْفَ نَظَّارَةِ الشَّمْسِ فِي قَيْظِ هَذَا الزِّحَامْ..
- 3 -
وَ كَأَنَّنَا كُنَّا عَلَىَ ثِقَةٍ بِأَنَّ الأَرْضَ تَحْضَنُ هَذِهِ المُدُنَ الحَزِينَةَ ذَاتَ يَوْمٍ.. مِثْلَمَا تَنْسَاقُ فِي الشَّجَرِ الثِّمَارُ.. وَ يَسْتَرِيحُ الفَصْلُ مِنْ أَعْبَاءِ دَهْشَتِهِ..حُفَاةً.. لَمْ يَكُنْ فِي الأَرْضِ مَنْأًى لِلْغَرِيبِ ..وَ لاَ مَزَارٌ نَابِتٌ فِي جُبَّةِ الأَلْقَابِ.. يَحْثُو مِنْ تَرَاتُبِ صَمْتِهِ عَشَاقُ هَذَا العَصْرِ.. مَنْ تَرَكُوا صَدَى أَحْزَانِهِمْ يَوْمًا عَلَى أَسْمَالِ طِينٍ لَمْ يَبُحْ.. وَ حُرُوفِ أَلْوَاحٍ..وَ أَتْرِبَةٍ يُطَرِّزُهَا البَهَاءُ.. وَ عَلَّقُوا شُرُفَاتِ أَقْمَارٍ عَلَى عَتَبَاتِ هَذَا النَّصِّ حُزْنًا طَازجًا..وَ شُقُوقَ خَامِسَةٍ عَلَى شَجَرِ اليَقِينِ ..
-4-
يَشْرَبُ سَعْدي يُوسُفُ قَهْوَتَهُ المَوبُوءَةَ فِي رَدَهَاتِ السَّاحَةِ فِي بِيجِينَ ..
- قُبَالَةَ قَصْرِ المَلِكِ المَقْلُوبِ عَلَيْهِ..-
(تَيَانْ نَانْ مَنْ).. آخِرُ بُؤْرَةِ حُزْنٍ تَحْضُنُ غُرْبَتَهُ
وَ كَعَادَتِهِ سَيُحَاوِلُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَنْ كُلِّ الشُّعَرَاءِ..
وَ يَكْتُبَ نَصًّا أَحْدَثَ مِنْ ذِي قَبْل..
وَ أَجْمَلَ مِمَّا دَبَّجَهُ فِي لُنْدُنَ قَبْلَ سُقُوطِ البَعْثِ المَيِّتِ فِي بَغْدَادَ..
يُحَاوِلُ أَنْ يَتَحَلَّى فِيهِ بِمِقْدَارٍ مِنْ حِكْمَةِ مَنْ هُزِمُوا فِي الحَرْبِ..
يُحَاوِلُ أَنْ يَتَخَطَّى فِيهِ حُدُودَ الذَّاتِ المَأْسُورَةِ بَيْنَ المِطْرَقَةِ المَصْلُوبَةِ وَ المِنْجَلْ..
سَعْدِي يُوسُفُ – مُنْذُ قُرَابَةِ قَرْنٍ-
حُرٌّ فِيمَا يَكْتُبُ..
حُرٌّ فِيمَا يَفْعَلْ..
- 5 -
وَطَنٌ لِكُلِّ حَقِيبَةٍ..وَ قِطَارُ حُزْنٍ يَحْتَمِي بِدُمُوعِ أَرْمَلَةٍ تُرَابِطُ فِي الصَّدَى.. وَ رَحِيلُ أَشْجَانٍ مِنَ البِئْرِ العَتِيقَةِ.. وَ اسْتِفَاقَةُ غَفْلَةٍ تُدْلِي بِمَأْتَمِهَا المُسَجَّى فِي ِتُرَابِ الرِّيحِ.. أَرْضٌ تَنْحَنِي..وَ ِبُذُورُ تُفَّاحٍ لِكُلِّ العَائِدِينَ إِلَى الفُرَاتِ عَلَى جَنَاحَيْ طَائِرٍ أَعْمَى.. وَ حَلْوَى لِلْمَرَارَةِ فِي سَلاَلِمِ نَجْمَةِ التَّتْوِيجِ..قَدْ تَلْهُو الفَرَاشَةُ بِالرَّغِيفِ.. وَ قَدْ يَمُوتُ العَاشِقُ الوَهْمِيُّ قَبْلَ وُصُولِهِ سِرًّا إِلَى مِينَاءِ جُرْحٍ نَازِفٍ.. لاَ وَقْتَ فِيمَا خَبَّأَتْهُ الوَجْنَتَانِ.. وَ لاَ ضَمَائِرَ فِي مُتُونِ الجُمْلَةِ الخَرْسَاءِ.. قَدْ نَصْطَادُ مِنْ كَعْبِ الغَزَالِ دَمًا يُلَطِّفُ مِنْ حَرَارَةِ حَرْفِنَا الذَّاوِي.. وَ عِرْضًا لاَ تُدَنِّسُهُ الكِتَابَاتُ التِي تَنْجَرُّ خَلْفَ تَوَاتُرٍ أَعْمَى وَ أَضَغَاثٍ تُطَرِّزُهَا الحَدَاثَةُ بِاشْتِعَالٍ غَامِضٍ..وَ لَهِيبِ أَسْعَارٍ يَعُودُ عَلَى المُؤَوِّلِ بِالرَّمَادِ..لَعَلَّ فِينِيقَ التَّحَوُّلِ يَسْتَعِيدُ غُرُورَهُ.. وَ يُعِيدُ عُشَّاقًا تَلُوكُ الأَرْضُ أَجَسَامًا لَهُمْ..مِنْ ذَرَّةِ المَعْنَى إِلَى جَنَّاتِ رَمْلٍ تَسْتَحِي حَبَّاتُهُ مِمَّا يُطَرِّزُهُ الشُّعَاعُ مِنَ احْمِرَارٍ خَارِقٍ وَ بَنَفْسَجٍ ذَاوٍ عَلَى جَسَدٍ يَمُوتُ مِنَ الصَّهِيلْ..
- 6 -
لاَ شِعْرَ فِي نَخْلِ الفُرَاتِ ..وَ لاَ قَصَائِدَ فِي جِرَاحِ العَابِرِينَ مَعَ الحُدُودِ.. وَ قَدْ يَكُونُ النَّصُّ نَظْمًا يَائِسًا فِي مَرْبَدِ المَعْنَى..وَ لاَ يَقْتَاتُ مِنْ ثَدْيِ الخَيَالِ..فَكَيْفَ يُمْكِنُ لِلَّذِي يَمْشِي عَلَى سِجْنٍ جَمِيلٍ أَنْ يُغَنِّي..كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْجَرِيحِ المُصْطَلِي بِلَهِيبِ نَارٍ أَنْ يَرَى أَرْضًا تَضِيعُ وَ لاَ يَثُورْ..
- 7 -
يَتسَكَّعُ السَّيَّابُ فَوْقَ جَمَاجِمِ المَوْتَى..وَ يَقْطَعُ بَحْرَ مَنْ قَتَلُوا غََضَاضَةَ حُلْمِهِ مَشْيًا عَلَى أَنْغَامِ مُوسِيقَى عَسَاكِرِ هِذِهِ الأَيَّامِ فِي أَرْضِ الخَلِيجِ.. يَصِيحُ مُفْتُونًا بِمَا لَمْ تَسْتَسِغْهُ قَصَائِدُ الشِّعْرِ الرَّكِيكَةُ..يَسْتَعِيرُ العِبْرَةَ الخَرْسَاءَ مِنْ تِمْثَالِهِ فِي سَاحَةِ السَّيَابِ..أَيْنَ السُّلُّ فِي صَدْرِ المَرِيضِ الشَّهْمِ.. أَيْنَ الجُوْعُ فِي غَيْمِ العِرَاقِ..وَ أَيْنَ هَذَا الحُبُّ فِيمَا لَمْ تَقُلْهُ المُومِسُ العَمْيَاءُ فِي جِيكُور للِطَّيْرِ الكَسِيحِ.. وَ أَيْنَ حَفَّارُ القُبُورْ...
- 8 -
كُنْ وَفِيًّا
يَا عَظْمَ شَاقٍ
لِبَاقٍ
وَ تَمَتَّعْ.. يَا أَيُّهَا المُسْتَرِيحُ
يَهْجَعُ الجُرْحُ فِي سُبَاتِ النَّوَايَا
وَ تُغَنِّيِ فِي جَانِبَيْهِ القُرُوحُ..
- 9 -
وَ كَأَنَّنَا نِمْنَا عَلَى خَزَفِ السُّؤَالِ.. وَ لَمْ تَذُقْ أَسْمَالُنَا شَيْئًا مِنَ اللُّغَةِ البَرِيئَةِ.. كُلُّنَا جِئْنَا مِنَ الصَّحْرَاءِ..أَجْلاَفًا..دَخَلْنَا فِي تَوابِيتِ الحَدَاثِةِ..دُونَ وَعْيٍ..لَمْ يَنَمْ مِنَّا مَثَارُ النَّقْعِ ..لَمْ تَرْسُخْ عَلَى أَجْفَانِ سَيِّدَةِ الرَّحِيلِ خُيُولُنَا..وَ كَأنَّنَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ بِأَنَّ الأَرْضَ تَغْفِرُ لِلَّذِينَ تَرَاكَمُوا فِي هَامِشِ المَعْنَى..وَ صِرْنَا جُثَّةً تَحْنُو عَلَى طَيْرِ المَسَاءِ.. هُنَا مَقَاسٌ ضيِّقُ الكَتِفَينِ.. مُنْحَازٌ لِطُولٍ ضَامِرٍ..وَ هُنَاكَ عَرْضٌ شَاسِعٌ يَحْتَاطُ مِنْ جِيرَانِهِ فِي لَحْظَةِ الإِصْغَاءِ ..بَعْضُ غَرَابَةٍ فِي الخَطْوِ.. مَنْأَى خِفَّةٍ فِي رُكْبَةِ القَدَمَيْنِ..ثِقْلٌ فِي البُطُونِ.. وَ لَمْ يَعُدْ فِينَا دَمٌ شَهْمٌ.. وَ شَيْءٌ مِنْ بَقَايَا نَخْوَةٍ تَحْمِي هَشَاشَةَ حُلْمِنَا الذَّاوِي..وَ هَا..صِرْنَا قَلِيلاً مَا تَثُورُ عَلَى رَدَاءَةِ هَذِهِ الأَوْضَاعِ.. لَمْ نَجْرَحْ فَمًا.. لَمْ نَكْتَنِزْ مِنْ رِيحِ هَذَا العَصْرِ.. لَمْ نَعْتَبْ عَلَى أَحَدٍ.. وَ لَمْ نَهْضمْ خُرُوجًا كَالذِي ذُقْنَاهُ مِنْ فَصْلٍ شَبِيهٍ بِالمُغَامَرَةِ اليَتِيمَةِ فِي قَصِيدٍ دَامِسِ الرِّئَتَينْ...
-10-
تَدُورُ بِنَا فِي الرِّيحِ دَوْمًا كَأَنَّنَا
كُؤُوسٌ تَجُوبُ المَاءَ
وَ المَاءُ رَاكِدُ..
أَثَلْجٌ لِهَذَا الصَّيْفِ .. نَاءٍ بِحَرِّهِ..
أَحُبٌّ لِهَذَا القَلْبِ
وَ القَلْبُ فَاسِدُ
-11-
دُخْنَا كَثِيرًا فِي صَرِيرِ القَيْظِ.. وَ انَْهَارَتْ مَلاَمِحُ حَرْفِنَا الذَّاوِي.. وَ لَمْ يَرْأَفْ بِنَا مَاءُ القَصِيدِ المُرِّ.. لَمْ يَحْفَلْ بِنَا بَيْتٌ مِنَ الوَقْتِ الحَزِينِ.. كَأَنَّنَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ بِأَنَّ الأَرْضَ تَغْفِرُ لِلَّذِين تَزَاحَمُوا فِي هَامِشِ المَعْنَى.. ذِرَاعٌ تَسْتَحِي مِنْ سُلْطَةِ التَّهْرِيجِ.. نِصْفُ حَشِيشَةٍ تَحْمِي مَعِيشَتَهَا بِمَا لَمْ تَرْوِهِ الأَضْدَادُ عَنْ جُرْحِ المُتُونِ..كَأنَّنَا لَمْ نَأْلَفِ البَلْوَى.. وَ لَمْ نَحْفَرْ صَدَى بَارُودَةٍ فِي جَذْوَةِ الأَنْسَاقِ.. هَلْ كُنَّا دَمًا مُرًّا لِنَحْزَنَ ..هَلْ تَغَاضَتْ عَنْ تَبَاطُئِنَا الحُرُوفُ لِنَسْتَغيثَ..كَأنَّمَا شَجَرٌ يَبُوحُ..كَأَنَّمَا أَجْوَافُ أَعْشَاشٍ تُغَادرُ..مِثْلَمَا كُنَّا..سَنَبْقَى..فِي مِمَرٍّ ضَيِّق الفَحْوَى.. وَ نَحْثُلُ فِي طَوَابِيرٍ مِنَ النَّقْعِ المُخَضَّبِ بالرَّجَاءْ..
-12-
أَبَيَاضُ مِتْرٍ وَاحِدٍ يَكْفِي لِتَرْسِيخِ الشَّمَاتَةِ فِي العَزَاءِ..أَصُرَّةٌ أُخْرَى مِنَ القَمْلِ الشَّرِيدِ.. أَغُربُةٌ.. أَصيَاحُ دِيكٍ غَامِرٍ.. أَخُرُوجُ حَبٍّ فِي وُجُوهِ العَائِدِينَ مِنَ الرَّدَى..أَعِتَابُ أُغْنِيَةٍ تَمُوتُ مَعَ القَتِيلْ..
-13-
يَعِيشُ مُظَفَّرُ النَّوَّابُ مُنْذُ نُعُومَةِ الحَرْفِ المرَابِطِ فِي تَلَكُّئِهِ عَلَى حُزْنٍ دَفِينٍ سَابِحٍ فِي حُمْرَةِ المَعْنَى..كَأَنَ الأَرْضَ لَمْ تَفْهَمْ تَحَجُّرَهُ الفَظِيعَ عَلَى مَرَافِئِ قِمَّةٍ نَامَتْ وَ لَمْ تُصْدِرْ بَيَانًا وَاحِدًا يَأْوِي إِلَيْهِ الشَّاعِرُ المَعْدُومُ فِي تَأْثْيثِ نَكْسَةِ حُزْنِهِ القَانِي وَ حُرْقَةِ صَمْتِهِ المُحْتَلِّ مُنْذُ هُرُوبِهِ لَيلاً مِنَ السِّجْنِ/المَدَى..وَ خُرُوجِهِ مُتَسَتِّرًا بِسَوَادِ مَنْ فَتَحُوا لَهُ جِسْرًا إِلَى سَعَةِ الكَلاَمِ..وَ بَعْدَ ذَلِكَ.. هَلْ يَحِقُّ لِغَيْرِهِ تَبْرِيرُ كَيْفَ يُغَادِرُ الشُّعَراءُ مِنْ مُتَرَدِّمِ النَّصِّ المُكَبَّلِ بِالهِجَاءْ..
-14-
وَ كَأَنَّنَا حِكْرٌ عَلَى جِهَةِ السُّؤَالِ..سَنَحْتَفِي بِعُبُورِ أَنْسَاقٍ عَلَى نَافُورَةِ المَعْنَى.. وَ نَصٍّ مِنْ فُتَاتِ الآخَرِينَ..كَأَنَّنَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ بَأَنَّ النَّهْرَ أَطْوَلُ مِنْ بقَايَا غَيْمَةٍ عُلْيَا.. وَ كَأْسٍ مِنْ طَوَاسِينِ البَهَاءِ ..كَأَنَّنَا لَمْ نَقْتَرِفْ يَومًا أَسَاوِرَ مِنْ هُيَامِ العَاشِقِينَ.. وَ لَمْ نَذُبْ فِي جَذْوَةِ الصَّمْتِ المُخَضَّبِ بِالمَرَايَا ..كُلَّمَا مَرَّتْ بَشَائِرُ قَطْفِهِ الدَّانِي َتَثَاءَبَ فِي قَصَائِدِنَا الثَّوَاءُ.. وَ لَيْسَ فِينَا مَنْ يَبِيعُ السَّهْمَ بِالأَنْوَاءِ.. نَبْكِي تَارَةً سِرًّا.. وَ أُخْرَى نَهْتَدِي بِكُؤُوسِ لَيْلٍ دَامِسِ العَتَبَاتِ فِي أُرْجُوزَةٍ ثَكْْلَى.. هُنَا مَنْفَى صُخُورٍ رَخْوَةٍ.. وَ هُنَاكَ.. فِي أُفُقٍ حَزِينٍ ..جَذْوَةٌ لِخُطَى غُبَارٍ مَلَّ مِنْ تَجْرِيبِ غَرْبٍ مَاتَ هَذَا الجِيلُ فِي أحْضَانِهِِ...
دمشق: 2010/05/09
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://www.annasronline.com/index.php?option=com_content&view=article&id=48390%3A2013-03-25-21-18-45&catid=38%3A2009-04-13-14-11-00&Itemid=50
احترافيّة فائقة في امتلاك النّفَس الشعري، أعجبني أيضا التركيب شبه المشهدي، للوحات القصيدة.
ردحذفمخيالية عارمة أيضا تُخرج اللغة عن طورها المُقتَدَر لترمي بها في مهبّ امكانات قصوى من التشكيل والاستعاريّة.
قوّة أداء لغويّ يتأبّط شيئا من نكهة الكلاسيكي ويهورل في الوقت ذاته خارج المألوف الشعري النمطي، ليسبح في بحيرات أخرى من الامكان الشعري.
استمتعت بقراءة النص، وأسرتني اللحظة الصباحيّة في أريجه الفادح الأوّل، مزيدا من التيه الجميل أيّها الشاعر. الأخضر بركة