الفنان الراحل حامد عويس / د.هبة عزت الهواري


الفنان الراحل حامد عويس
samedi 1 octobre 2011, 16:46.


محمد حامد عويس

■من مواليد قرية كفر منصور محافظة بني سويف.
■تخرج من مدرسة الفنون الجميلة 1945.
■أسس جماعة صوت الفنان.
■من مؤسسي جماعة الفن الحديث.
■حصل من الدولة على أول منحة للتفرغ 1957.
■عمل أستاذا بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية 1958.
■عميدا لكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية 1977 - 1979.
■أول نقيب للفنانين التشكيليين بالإسكندرية.
■حاصل على جائزة الدولة التقديرية في الفنون 2000.
■له العديد من المشاركات في المحافل الدولية الهامة كبينالي فينيسيا وبينالي الإسكندرية.
■اقتنيت أعماله في متاحف العالم:متحف الأرميتاج وبوشكين بروسيا، متحف دريسدن بألمانيا، متحف الفن المعاصر بأسبانيا، متحف الفن الحديث بالقاهرة.
الفنان الكبير حامد عويس ( 1919م ) يرقد حالياً فى غرفة العناية المركزة بمستشفى جامعة الإسكندرية .. خالص دعواتنا له بالشفاء .. هذا المبدع العظيم قيمة كبيرة فى تاريخ الحركة التشكيلية المصرية ، حيث يعد رائد تيار الواقعية الإشتراكية الذى اقتفى أثره كثير من الفنانين فيما بعد ..فقد التزم الفنان النبيل

بالتوجه الاجتماعي الخالص، الملتزم بقضايا مرتبطة ارتباطا مباشرا بالعمال والفلاحين وأبناء الطبقات الكادحة، مما كان أبلغ تعبير عن قناعاته الفكرية التي انطلق منها، وكانت التوجهات الاشتراكية في عصر الثورة، وبالتحديد في عقد الستينات وبعد إعلان عبد الناصر

قرارات يوليو الشهيرة، كانت تلك التوجهات هي النغمة السائدة واللغة المستحبة في التعبير الفني.فنرى

عويس

وقد اهتم بالنسوة الكادحات في العمل على ماكينة الخياطة والتريكو.والعمال في المصانع، والصيادين، كما نذكر لوحته الصرحية عن السد العالي والتي صورته رجلا قوي البنية يجري النيل، وتتدفق الناس، وتنطلق الحياة من بين رجليه وهو جالس في قوة ورسوخ يحتضن الجماهير.



والفنان

محمد حامد عويس

حينما عبر عن الثورة والشعب والسد العالي وتأميم قناة السويس، لم يكن مجاملا للدولة أو عازفا في بوق الدعاية السياسية، بل كان مصريا مخلصا، معبرا عن نبض الإنسان المصري البسيط، و مستجيباً لتفاعلات تجري في المجتمع المصري و لاعتمالات الإنبات و النمو للمشروع النهضوي الثوري في ذلك الوقت .



و في لوحته : العمال في الصباح:

.63سمx 48

.1953.

ألوان زيتية على قماش .متحف الفن الحديث. القاهرة

يطالعنا هنا عزف هادر بمفردات القوة الراسخة لتمجيد الطبقة العاملة و التغني برموز تشكيلية تستقي مكوناتها العفية المتقدمة من اكتساح كطابور الجند و انطلاقات الفيضان ...تلك المعزوفة التي ميزت اتجاه (الواقعية الاشتراكية)..في عصر الستينيات الذهبي .

و حينما ننصت و نستسلم لإيقاع المنظومة المقدسة الذي يهدر و تدقه أقدام أولئك الشرفاء الذين يمجدهم محمد حامد عويس و هم يتوجهون لعملهم في الصباح الباكر لينضموا للنشيد البناء الذي كان يصنع وجه مصر الجديدة ..و يبني عزتها و استقلالها البهي الجسور ...حينما ننسجم مع العزف و نبدأ في القراءة نرى هنا بوابة مصنع و المداخن تتضح في الخلفية و العمال يرتدون ملابس ثقيلة و أغطية رأس و أحذية غليظة صارمة راسخة على الأرض .تبدو لنا السماء كأنه الصباح الباكر في الشتاء القارس وجوههم متغضنة فيها جدية أيديهم ضخمة غليظة أحدهم يدخل المصنع على دراجته ، الآخر يشعل سيجارة اثنان يتبادلان الحديث ، العمال متراصون متلاحمون هم مثل الحائط القوي المتين المرسوم إلي جوارهم في مدخل المصنع منهم الراكب و المترجل.تلملم أبصارنا تلك الخــطوط غليظة قوية مترابطة مكونة تخطيطاً عاماً قوياً متماسكاً يجابه المتلقي بثقل و جسارة و عنفوان خشن يقبض على ذائقته و يتملكها و لا يفلتها أبداً . تلك الملامح الواقعية التي ليس فيها أي ملامح تراثية أو أسطورية . تقدم لنا عمالاً أقوياء أصحاء تجللهم مداخن عالية شامخة ، إيقاع الحركة المتقدمة إلي الأمام في نشاط وثقة رغم البرد حشد من العمال في مختلف الأعمار يمسك الرجل يد زميله بمودة وتراحم ،هناك جو عامر بالاطمئنان والسكينة.في بناء الكتل يشرع محمد حامد عويس في تكوين معمار متين يحتوي تلك الكيانات الرابضة القادمة نحونا في إصرار المكتسحة عتمة الليل صانعة نور الخلق البديع نرى العقد المبني الممثل لبوابة المصنع لم يكتمل وقد خرج من إطار الصورة. و خطوط الشبكية رأسية تتجه لأعلى دائماً تتصاعد مع النشيد ، خطوط المداخن تتجه إلي أعلى أيضاً في تحليق و سمو و دأب حيث إطار الصورة وكأنها تخترقها لتستكمل المسيرة المنظوريحفظ بصرنا فى مستوى النظر ، الفراغ عميق ممتد أفقياً .الإيقاع هادئ هادر راسخ منتظم يتولد من تكرار كتل المداخن الخمسة ، وتوزيع الوجوه بصورة متكررة يخلق إيقاعاً أيضاً و تلك الأحذية الغليظة ذات اللون الواحد موزعة في حركة إلي الأمام تأتينا مع الصباح و تنبت منها كل الخيرات و الآمال .

ذلك اللون الرمادي الذي صبغ به محمد حامد عويس ملابس العمال يتكرر من المقدمة إلي الخلفية و يخلق إيقاعاً راسخاً غير ملحوظ مناسب للجدية الشديدة التي أسبغها على الموقف مكرساً لهيبة و قدسية بليغة .و المزيج البصري هنا يطوف بالمجموعة اللونية السائدة بين الرماديات و البنيات ، في تجانس مع لون المدخل و المداخن الخلفية ،في إشارة لطيفة إلي توحد العامل مع مصنعه و أدوات الإنتاج - التوظيف اللوني كثيف متوافق يخلق ملمساً خشناً، كما أن تحديد المساحات باللون الأسود يزيد من قوة الأشكال وغلظتها ، ويسري الضوء في الصباح الباكر ناعم حذر لكن التجسيم النحتي و التحديد الأسود الواضح يدعم الكتل الرابضة الآتية في جمع نبيل شريف ، و مصدر الضوء يقع فوق العقد في مدخل المصنع و يلقى ظله على الحائط .و يتركنا في دهشة و جلال و استقبال باهر نظل فيه لموكب مكثف من الشرفاء البنائين و العمال الذين يملأ بهم صدر المدى في حفاوة و فرح.



: - لوحة الجندي ألوان زيتية على قماش 150*75 سم :

.

نتنسم هنا معاً نسائم الفن التشكيلي حينما يتبلور ساطعاً نابضاً مع قلب المجتمع الثائر و متغنياً بقيمه الإنسانية التي أفرزها المشروع القومي لمصر الذي استمسكت به بعد ثورة يوليو و الذي نحن في أشد الحاجة إليه الآن ، وهو طوق النجاة من ظلال الالتباس و المراوحات و القفز على القيم النبيلة و استغلال الجهل و فقر الوعي السياسي السليم و الانغماس في الدروشة السلفية الخطرة . حينما استمع المصري إلى نداء جذوره العفية الطاهرة الضاربة في عمق الكون ؛ ثار و نجح و أسقط النظام الفاسد ، و لكنه اليوم أشد ما يكون حاجة للمشروع القومي المصري في مجابهة الجهل و الزيف و التأطير المصطنع ، مشروع يثمر حقيقة بازغة يقينية نقية يتوصل إليها بحسه و حدسه و وعيه الإنساني الفريد الذي استيقظ في مارس 1919 و يوليو 1952 و يناير 2011 .

حينما أنتج الفنان المصري هذا الفن التشكيلي لم يكن مجاملة للدولة و لا تحت سطوة أوامر سلطوية علوية بل نبت نبتاً و تفجر تفجراً صحياً سليماً صادقاً متنوعاً ، متجاوباً متناغماً متسقاً مع ذاته و جوهر نبض الجماهير.

ولنقرأ معاً تلك اللوحة المسماة بالجندي :

حيث يجلل محمد حامد عويس صدر المدى بذلك الفلاح العملاق المتطلع إلي الأمام قوي البنية يحتوي فيما بين ذراعيه نماذج مختلفة من البشر، يمسك سلاحاً معلقاً في كتفه يظلل هؤلاء الناس ويحميهم ، يرتدي ملابس تشبه ملابس الفلاحين أثناء العمل في الحقول و كذلك منديل الرأس ، يعزف مفردات من صورة مصرية ريفية : شجرة – نخيل و بيوت و مآذن و مداخن مصانع في الخلفية ، فهو لا ينسى ترديد معزوفة العمل بكل تجلياتها .النيل يمتد إلي نهاية الأفق و يقطعه جسم صخري ضخم . هي أيقونة البطل الذي قهر الطبيعة و بنى هرم مصر الرابع حين غرس السد في حضن ذلك النهر الغشوم .و نجت مصر من غوائل النهر و الفقر .هنا يمد الفلاح الجندي كفه اليمنى حانية حامية وارفة ،ينبثق من جسده العملاق حب فتى و فتاة متآلفين آمنين في قلب رسوخه ،تصدح البهجة في مرح الأطفال في المدى المفتوح بالبركة والنماء ،نرى فلاح معه حمار يأكل من الأرض التي يحميها العملاق.

- تواجهنا خطوط اللوحة قوية صريحة و مكثفة لا تشتت الرؤية ،متوافقة مع بعضها في تناغم ، فيها رسوخ و استطالة توحي بالثقل و الثقة و الأمان ،كما أن معظمها على هيئة منحنيات أكثر من الخطوط المستقيمة أو الزوايا وهو أكثر جمالا كما ذكر رسكن حين قال أن الخط محيط مميز حاد وتري (نحيل – مرن – قوي) فالخطوط تمنحنا دلالات رمزية مثل الاستمرارية و الإحاطة و الاشتمال وامتداد النيل إلي نهاية الأفق يوحي باللانهائية و الحرية و الأمل في المستقبل ، الخط يوحي بالحركة و هى هنا حركة هادئة رتيبة هادرة كسريان النهر .

- معظم الخطوط مآلها إلي أعلى اللوحة و هذه الحركة إلي أعلى هي إحساسنا بالمرح و الطموح .و المبالغة في الصفات الجسمانية للبطل والتخطيط يعطي شكل مثلث رأسه هي رأس العملاق وقاعدته هي البشر. وهو يمنح ذلك الجندى حجماً ضخماً بالمقارنة بأي عنصر آخر فى هذه اللوحة مما يذكرنا بصورة البطل الفرد في كلاسيكيات الواقعية الاشتراكية ،وتساعد التماثلات في القيمة و اللون و المواضع المكانية بين الإنسان بطل اللوحة و البشر القابعون فيما بين ذراعيه على تشكيل و إبراز الصورة المهيمنة للبطل و توحيد العديد من العناصر في نمط مسيطر هو نمط البطل القوي العامل أو الفلاح. كما يشكل جسم الإنسان الواضح في اللوحة مسطحاً متقدماً إلي الأمام في حين تمتد المسطحات الأخرى إلي الخلف في صورة غير واضحة متعمداً إبراز هذا الفلاح المكافح المدافع عن الوطن .

- نلحظ نوعين من المنظور : منظور يكسب ضبابية في أثناء رؤية النماذج البشرية المختلفة من عمال و موظفين و فلاحين و علماء و أطفال كذلك درجة الإضاءة التي تتلقاها هذه النماذج أقل بل هناك جزء منها يقع في منطقة ظل هذا العملاق المتصدر للوحة ، و منظور آخر معكوس يعطي البطل حجما أكبر رغم وجوده خلف المجموعات البشرية . والألوان تحتوي على درجة عالية من الإضاءة ،لم يستخدم عويس أي من الألوان المشبعة أو الكروماتية (الكثيفة) ،بل اختزلت بإضافة الأبيض و الأسود إليها ، لكن عموما هي تدور حول الألوان الدافئة في لون البشرة لكل النماذج البشرية و لون الصحراء و جسم السد الصخري ،لون ملابس بطل اللوحة تشبه لون الأرض الزراعية الطينية ،يوجد استخدام خفيف لأخضر مصفر و أزرق في لون الأرض و لون مجرى النيل ،استخدام الألوان الباردة في الخلف و الدافئة في الأمام يعطي إحساس قوي بالعمق الفراغي .

هذا التكرار المنتظم للشكل ولاتجاهات الخط و اللون و للمواضع المكانية و القيمة و الملمس، يساعد على تنظيم العمل وتقدمه باعتباره كلاً بصرياً يهيمن على الرؤى ،وذلك يساهم في تقديم حالة من التنظيم الخاص لنقاط الاهتمام الكبرى في اللوحة في مقابل نقاط الاهتمام الأقل أهمية .

ثم تصبح الذروة الرئيسية للوحة بمنزلة التتويج للعناصر المؤلفة للنمط و لغيره من الأنماط المشاركة في العمل.

و يظهر ذلك جلياً في كل أعماله و خاصة في هذه اللوحة الاحتفالية برمز البطل الثوري الحر في عصر ازدهار ثورة يوليو الذهبي .

وتظل ثيمات بعينها (صغرى أو كبرى) قادرة على تكوين ما يسمى بالثيمات المتقابلة

Counter Themes التي تقوم بأدوار أساسية في عمليات التوتر داخل العمل الفني . و هذه البنية الدينامية الخاصة بالثيمات الكبرى و الصغرى و المتقابلة هي التي تقدم القاعدة الأساسية للتكامل و الصدق الساطع الذي يسري بين المتلقي و العمل الفني .

قدم لنا الفنان محمد حامد عويس شفاه الله أغنيته الأثيرة لمصر و هي الجندي البطل العامل ...ذلك الفتى المغوار الذي تنتظره الجميلة ليأخذ بيدها ، ذلك الفتى النموذج يحوي بين جنبات جسده العفي كل بذور النماء و الحضارة و الفلاح ...قوة العمل البشري المخلص المؤسس على جذر ثقافة و وعي سليم .





حامد عويس بين العزف على قيثارة اليقين و اختيار العزوف :



والفنان محمد حامد عويس حينما عبر عن الثورة والشعب والسد العالي وتأميم قناة السويس، لم يكن مجاملا للدولة أو عازفا في بوق الدعاية السياسية، بل كان مصريا مخلصا، معبرا عن نبض الإنسان المصري البسيط، ثم نجد الفنان وقد عاد من جديد لممارسة إبداعه الفني عام 1981 بعد انقطاع دام حوالي عشر سنوات، نراه وقد ظل يطرق نفس السبيل القريب إلى نفسه، على الرغم من أفول نجم تلك التوجهات الثورية التي ارتبط بها الفنان، فهو لا يبدع لنظام سياسي؛ بل يبدع استجابة لنبض الحياة، ووقع الموهبة التي لا تفتأ تثيره وتضغط عليه وتملي شروط الولاء للفن . ففي لوحته عامل



1989، 48 سم x 48 سم، زيت على قماش، متحف الفن الحديث، نرى عاملا يجلس على رصيف بجوار سور حديدي، ونرى شجرة في الخلفية ومدخنة وشكل جمالون مصنع.العامل قوي البنية يرتدي غطاء رأس شائع بين العمال يرتدي قميص أزرق يكشف ذراعيه وسرواله بني فاتح وحذاء نفس اللون، ينظر إلى لا شئ نظرة حائرة حزينة.هذا العملاق قوي البنية جالس منكمش متضائل مضغوط الساقين، صورة العامل القوي المتجهم الخشن المقدم على العمل في الصباح الباكر والشتاء القارس: تغيرت وتحول إلى شخص جالس عاقد يديه يسند إليها رأسه، ملابسه وبشرته نظيفة ملساء، لحاء الشجرة ناعم مصقول، خضرة الشجرة وما تحتها خضرة تبدو وكأنها صناعية غير طبيعية، منكمش قلق من ناحية المستقبل واضح أنه مجنب، مكبل، معطل عن العمل في عام1989.يحتل المصنع زاوية ضيقة قليلة الأهمية ليست في مكان الصدارة، وكأن المبادئ التي قام عليها هذا الاتجاه قد انزوت واختفت من واجهة الصورة مع تضاؤل التوجهات السياسية التي تساندها وتركت العمال في حالة قلق وتوجس من المستقبل. و كأنه يرى قوانين الخصخصة و هي تهدم صرح القطاع العام و تلقي بآمال الطبقة العاملة في ظلمات المجهول و تلهيهم عن هدم صرح الصناعة الوطنية ببعض القروش و تتركهم في العراء على أرصفة المصانع التي شيدت من دمائهم و أرواحهم ...و كأنه كان يرى الآثار المدمرة للتضخم الاقتصادي و انهيار المشروع القومي المصري و اتساع الفجوة الاقتصادية و الخلل الذي أحدثته عمليات الحراك الاجتماعي في مصر بعد قوانين الانفتاح و يجسدها هنا في "هذه البنية المنحوتة التي غاص فيها راس الرجل بين كتفيه وقدميه وذراعيه كوضع الجنين في بطن أمه، كما كتب أستاذنا الفنان و الناقد التشكيلي و الأديب عز الدين نجيب أنها تبدو في تأثيرها أبعد مدى من موضوعها المباشر: الذي اسماه الفنان في مرحلة لاحقة بالبطالة حيث رسم معالجة أخرى لها في عام 2000، حيث يتخذ الرجل هيئة الانتظار الأبدي لشئ قد لا يأتي، وتتمثل في ملامح الوجه المحايدة الخالية من التعبير، وفي العينين اللتين تحملان نظرة عدمية، فيها كل مأساة الوجود العبثي لطاقة معطلة ومحبطة وهي في أوج قدرتها على العطاء، وإذا كانت البطالة هي بوابة الانهيار القِيمي للمجتمع ولمنظومة التقدم فيه؛ فإنها على المستوى الإنساني، أعلى مستويات الهزيمة النفسية للفرد، وها نحن نراه وكأنه يختبئ هاربا داخل جسده، وملابسه ذات الألوان الباهتة، شأن كل ألوان اللوحة، تعبيرا عن ضياعه، الذي لا تشاركه فيه سوى قطة سوداء تقبع في ركن اللوحة الأيسر فيما ينتصب خلفه السور الحديدي كحاجز بينه وبين الحياة .



وقد تأثر الفنان حامد عويس بمثاليات الفن المصري القديم والطبيعة في صعيد مصر، ومدينة الإسكندرية، كما تأثر بكل من محمود سعيد، وأحمد صبري، وبيكاسو وفرنان ليجيه، وكذلك رواد المدرسة الاجتماعية في المكسيك مثلريڤيرا، وسيكيروس، ويتضح ذلك في إشراق ألوانه وغلظة خطوطه ورسوخ وكبر حجم الجسم البشري: قوي البنية بارز العضلات وتمسكه ببعض قواعد المنظور.

التي تتفجر بأنشودته الأثيرة و التي يمجد فيها المصري البطل النبيل .

خالص دعائي للفنان الجميل محمد حامد عويس بالشفاء العاجل

******

د.هبة عزت الهواري

القاهرة

29- سبتمبر

2011

صفحة فنون جميلة بجريدة نهضة مصر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الهدم البنّاء و مفهوم الزائل في الفن المعاصر لمحراب التشكيل / محمد فارس

الصورة في الفن المعاصر بين الإدراك و التأويل / محمد فارس تونس

أعلام الموسيقى والغناء في العالم العربي الشيخ العربي بن صاري (1863-1964) / محمد بن عبد الرحمن بن صالح