كتاب المرأة - رجل / المفكر الناقد بشير ونيسي
كتاب المرأة - رجل
بشير ونيسي
bachirouinissi@yahoo.fr
قراءة وتفكيك لرواية نسيانكم أحلام مستغانمي
بشير ونيسي
قصيدة المحو /
إمرأة بلون الماء
تمحو ظل رجل
لاوجه له غير الهباء.
الجسد مخضب بسريان النور
والروح وحي تائه
تعيده للخلق والحب
فيتلاشى في سرابها
لون السماء تنهمر حوله
فيفنى يبقى
أنثى غزالة الشمس
تركض في ظلمة قلبه
فيعرف الوقت ومقامه
والصمت وحاله.
كل شيء بها جنة
جسدها خبز الروح .
ــــــــــــــــــــــ
مقام للقراءة والتأويل / * أنت وحدك تختفين * وتظهرين . ترتجين * وتتقدين .* مرايا زمن كيف يرتوي منه أبنائي *
محمد بنيس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أول سؤال يواجه الجسد من أنا ؟ وما شكل الحياة والأشياء في والي وحولي ؟ وما سر الوجود الذي يظهر كينونتي ؟ هي أسئلة للمحو يبدأ بها مشروع أحلام مستغانمي في رواياتها ذاكرة الجسد ، عابر سرير ، فوضى الحواس ، ونسيانكم ، الذي هو موضوعنا في هذا المقام ، في ذاكرة الجسد راهنت أحلام مستغانمي على تجليات أنا قمع فعوض ذلك بمتخيل يعكس تشيء الجسد عبر آخر مقنع بالسلطة فاستعاد الجسد زمنه الضائع بديمومة خلاقة تريد رسم الوجود بجسد يؤنسنه الحب ، أما في عابر سرير فالمضمون الأيروتيكي يوميء بشهوة ترشح نشوتها ، عبر آخر غاب عنه طقس الوجود وفيض الحياة ، أما فوضى الØ! �واس فلعبة السرد تراهن شكل الأشياء حين تصطم بالحواس فيصير الوجود في جوهره الفرد ، بلا نظام ولا نسق يدور في دوامة الحياة لعله يكتشف ظله . أما رواية نسيانكم فهي نص فينومولوجيا المحو وعودة الروح بعد الخلاص من طوفان الجسد وطوفانه . أن أول شيء يثير الانتباه في مقصوص نسيانكم داخل البنية الفكرية يجسد في :
• خطاب الاعتراف والبوح
• خطاب اليوميات والتوحد بالأشياء بمنطق المرأة
• خطاب النصيحة والارشاد
في خطاب الاعتراف والبوح ترسم أحلام مسار المرأة بلغة عيادية اكلينيكية ، حين يصير كل شيء امرأة يعني تأنيث الوجود بمتخيل بعيد عن الرجل والحذر منه ، كل شيء بالمرأة له شعريته وسحره وجذبه بلا امرأة تفقد الأشياء جماليتها ، والاعتراف مكاشفة لا تخفي تظهر كل شيء تراهن على المرغوب في الممنوع الذي فرضته ثقافة المجتمع العربي التي تراهن على فقه الحلال والحرام بنظرية المتشابه ، انه مجتمع الفاقة الذي يصادر العقل والحرية فالعقل المصادر يجعل الانسان حيوانا والحرية المسجونة تولد فردا تائها مغتربا
الاعتراف نص يريد أن يكشف علاقة الرجل بالنساء وعلاقة النساء برجل واحدة ، فالمرأة في فكر الانسان العربي مخلوق يجب أن يحاصر لأنها منبع الشيطان يجب أن تبدل لأنها آلة جنس قد لا تصلح في بعض حالات كيمياء النفس ، المراة أما لذة ومتعة أو غواية تفتح الباب للشيطان .
في خطاب اليوميات والتوحد بالأشياء بمنطق المرأة تحفر أحلام في فضاء الحياة ما معنى الحياة بلا امرأة ؟ كيف يظهر الوجود بلا إمرأة ؟ هل هناك معنى اسمه الحب بلا إمرأة ؟ ثم توشم شكل الأشياء بعبق أنثوي
كل شيء بالمرأة جميل والجمال إمراة والجنة إمرأة فالمرأة شكل الحياة ومشهد الجميل والجميل يبقى بالشهود تجلى هذا في سورة يوسف مع إمرأة العزيز التي شغفها حب يوسف وصارت حكاية المدينة فكشفت المستور بالسكين والفاكهة وخرج عليهن يوسف فقطعن أصابعهن وقلن ما هذا بشر ان هذا الا ملك وسقط الدم
مطرا يدل على أن سر الحب في الدم والروح . الحضارة في تطوراتها راهنت على جمال المرأة وأنثت كل شيء ليعود الى جنته ، طب التجميل ، الموضه وأنسنة الفساتين ، حلاقة الشعر ، مواد التجميل والعطور، حتى
الاعلان والاشهار والصورة والسينما يراهن على المرأة للربح والتأثر في المتلقي المستهلك ، فدللية العصر خدعت شمشون بجمالها ، وربما نتفطن الىهذا في فلسفة جان بودريار الفرنسي الذي وضع نظرية الاغواء فهذا الأخير ينسب الى الديانات وحيل الشيطان حين تفنن في اغواء البشر بالحيل ومن بينها الساحرات انها حقبة الثورة الجنسية وشعرنة الجسد اليوميات هي رسم بالكلمات للأشياء بأنامل أنثوية بيضاء ملائكية تعيد للروح عافيتها من الجسد .
وخطاب النصيحة تريد منه أحلام نصح المرأة بوصفة تقيها من شعوذة الرجل وصمته . فالرجل له العقل حتى ولو كان بهلولا في الروض العاطر فبامكانه اغواء واغراء كل نساء السلطان .
الجسد ذاكرة النسيان / لايمكن للذاكرة أن تحيا بدون النسيان ، النسيان يضمن لها البقاء لأنه الفناء ،فتجربة ذاكرة الجسد راهنت على حضور المتخيل المدهش المغيب ،الذاكرة تحفظ الليبدو الرائع من التلاشي والتشظي ، انه يسقى الأنا كأسا دهاقا من كوثر الحب حتى لاتزهق النفس وفي نفس الوقت تحميه سلطة الأنا الأعلى عادات وتقاليد وقيم ثابتة في زمن موحش بعذاب الحياة ، تروي ميثيولوجيا ألبانية قصة شاب جبلي كان يتلقى كل يوم زيارة جنية ولكي تمتعه اشترطت عليه شرطا واحدا والا حرم منها وهو أن لا يلمح لها والا فقد الكلام غير أن الشاب جذبه الشبق وانتهى الى البوح بسره له! ا فدفع الثمن بفقدان وصمت أبدي .
هذه الأسطورة ربما نسقطها بتحفظ على ذاكرة الجسد ونسيانكم فالرجل يتمتع بسحر المرأة مادام أنه لايبوح لها والآن الرجل يبوح وهو محروم من المرأة ، والمٍرأة التي تكلمت حرمت من الرجل .
المرأة في مقصوص نسيانكم الوطن والرجل السلطة وبين الوطن والسلطة سكنى الجسد ،في ذاكرة الجسد يحفظ الوجود بشبقه وعبر النسيان يتفكك الوجود ويبدأ التحول والتجلي ، أحلام في نصها تبحث إمرأة عشتارية الوقت والطقس بلقيسية العرش امرأة يمزها عن باقي النساء طوق الحمامة ، امرأة هي الغزالة على بوابات العالم السبع عند البياتي إمرأة هي ليلى في خيال المجنون إمرأة ليست مثل إمرأة نوح ولوط ، إمراة بلون الماء لا وردة الليل ، فراشة ، نجمة ، عنقاء مغرب .
ان ما يبدو لك ، وأنت تقرأ نسياكم يوحي بعالم إمرأة تنسج كينونتها من تجليات الروح ويظهر ذلك في صورتين :
1 ليبيدو الحرية الذي قمع في مجتمع عربي شرع للذة بققه البلاغة حلل وحرم ببلاغة الفقه .
2 هوية الجسد هذا الشيء الذي ينزف وهو قربان أبله لإله يبدو أنه مات آنيا ويحيا في ماضي ذاكرة مشوه بالدنس والرجس .
من هنا يمكن أن نوجز ما قلنا أن الجسد في البنية الفكرية يدل على السمات التالية :
المرأة نور الرجل ظلمة
المرأة وجود الرجل عدم
المرأة المٍرأة جنة والرجل جحيم
النور للايماء بمعنى الحياة النوراني والرجل معنى الحياة الظلماني ، الوجود للايحاء بسر الكينونة والتميز والرجل سر التلاشي والتيه والغياب ، والجنة لبيان نشوة الخلاص من الكفر لأن الكفر هو الرجل .
وحين نرصد الفصول الأربعة للحب ، نحس بزمن خلق جيد يوحد يبدد يجدد الروح المنحوس الممسوس المنجوس ، انه النسيان الذي يؤسس ذاكرته الجديدة على الجسد الفاني بالحب ، الحب أن تكون ، أن تريد ، أن ترى ، أن تفعل ، أن تتكلم ، أن تحيا ، اذن أنت موجود وشهيد على شكلك في الحياة ، فصل اللقاء والدهشة يقابل الشتاء والجسد في شتاء الروح يشتاق للدفء ليعود لوحيه ، وفصل الغيرة واللهفة يدل على الربيع في ربيع الروح ينضج الوجود وتطفح شجرة الحب بفاكهة البهاء ، وفي فصل لوعة الفراق يجيء الصيف محملا بحرارة الفراق التي تبعث أعراس النور ، وفي فصل روعة النسيان يحل الخريف ليبدد ! كل شيء ، ما يبدد يعود ، ما يفنى يبقى ، ما يقبض يبسط ، كل شيء يعود حتى هذه الفراشة والوردة كما أعلن نيتشه ذات يوم في جنونه السوبرماني وطقوس العودة الأبدية ، تقول أحلام في نسيانكم * من دونه لا يمكن للحب أن يولد * انه النسيان سلطان البيان والعرفان والبرهان .
الحرية أن تحب ، الوجود أن تتحرر ، في الصمت الحب عبادة ، بالكلام الحب غواية ، الذاكرة تحيا بالنسيان مثلما يحيا يحيا الرجل بالمرأة ، الرجل ليل والمرأة قمر .
شكل الجسد في نسيانكم يريد أن يتحول بغواية النور وكل شيء بالجسد جنة ، ولا معنى للجسد الا بسريان النسيان في دمه وروحه ،هذا الشكل الذي قبلته شهرزاد للخلاص من طغيان شهرزاد ، هات أيها الجسد حكاية جميلة والا قتلتك هذا ما أعانه عبد الكبير الخطيبي في سيرته الذاكرة الموشومة يقول هذا الأخير :
• حلمت ليلة أمس أن جسدي من كلمات * من هذه العبارة نعرف أسطورة الجسد البيضاء التي خضبها طوفان دم الرجل ، شهرزاد أرادت ان تحكي قصة الجسد المحروم من روحه في وجه شهريار ، أرادت أن تجعل شهريار الطاغية العربي يسقط في جحيمها حتى يذوق لباس التيه والشتات ، شهرزاد في نسينانكم نزعت القناع عن وجه الطاغية فتجلى السراب والارهاب واليباب .
فقة المرأة – لون الماء / * تستطيع المرأة أن تمتلك الرجل ، ولكن الرجل لا يستطيع أن يمتلك المرأة ، لأن المرأة تستطيع أن تملك الرجل في المخدع إن لم تسطع ان تمتلكه في مكان آخر ، ولكن الرجل لا يستطيع أن يملك المرأة الا في الموت ، فصار لزاما على الرجل أن يفقد المرأة ، اذا شاء أن يمتلك المرأة *
ابراهيم الكوني
الحب هو سر الفقه ، أن تحب يعني أن تحيا بحرية ولك وجود متميز وخلاق ، والحديث النبوي يشير بدلالته الى هذا الايقاع المدهش * الايمان أن تحب لأخيك كما تحب لنفسك *
في مقصوص نسيانكم نكشف الحب الذي هو بلون الماء ونتعرف على فقه المرأة ويتجلى الحب بمنطق لا
وهذا الحرف له من السر ما يجعله بداية تأسيس الوجود ونرصد هذا الحب في السمات التالية :
• المحب سلطان
• المحب شهيد
• الحب إرادة الحياة
المحب سلطان نقرأ في الرواية نسيانكم * أدخلي الحب كبيرة ، وأخرجي منه أميرة *
*لاتحبي أعشقي * لا تنفقي أغدقي * لا تصغري ترفعي * لا تعقلي أفقدي عقلك * لا تقيمي في قلبه بل تغشي فيه *في هذه الشذرات توميء بنفي واثبات نفي للحب واثبات للعشق كمقام للوصل والأنس ،نفي للنفقة واثبات للعطاء ،نفي للسقوط واثبات للعلو ، نفي للعقل واثبات لفقدانه ،نفي للإقامة في القلب واثبات للشغف والحلول والسريان ، والنفي والاثبات يؤل بالذاكرة والنسيان ، للذاكرة الحب وللنسيان العشق ، للذاكرة العقل وللنسيان الجنون ، للذاكرة السكن في القلب وللنسيان الفناء والذوبان والتلاشي .
نقرأ في نسيانكم * لا تتذوقيه بل التهميه * لاتشوهي شيئامنه جمليه * لاتكوني أمامه بل خلفه * لا تكوني عذره بل غايته * لاتكوني عشيقته بل زوجة قلبه *لاتكوني ممحاته بل قلمه * لا تكوني واقعه ظلي حلمه * لاتكوني سعادته كوني أحيانا ألمه * لا تكوني متعته بل شهوته * كوني أرقه وأميرة نومه * في هذه الشظايا يبدو المحب شهيد من يحب يلتصق به في كل شيء فالشهيد لا يشوه بل يجمل وليس عذرا بل
غاية ، الشهيد نبي الألم يعلو بوردة روحه فترفرف السعادة حوله بأجنتحتها ، ان المحب الشهيد في هذا المقام العذري يتجلي بصورتين صورة الوجود الكامل وصورة الجسد في لحظة فنائه بالآخر فيصير الآخر ،جنته التي حرم منها بخطيئته .
نقرأ أيضا في نسيانكم * لاتكوني سريره كوني وسادته * كوني بين النساء اسمه ذكرياته مشاريع غده * لا تكوني يده كوني بصمته *لاتكوني قلبه كوني قالبه * لاتطاردي من ماضيه فأنت مستقبله * ولا من عائلته فأنت قبيلته * لا تكوني ساعته كوني معصمه * ولا وقته بل زمنه *تقمصي كل إمرأة لها قرابة به * زكل أنثى يمكن أن يحتاج اليها * وكل شيء يمكن أن يلمسه * وكل حيوان أليف يداعبه * وكل ما تقع عليه عيناه * كوني ابنته وشغالته وقطته * ومسبحته * وصابون استحمامه * ومناشفه * ومقود سيارته *وحزام أمنه * ومصعد بنياته * كوني مفاتيحه * ومن يفتح بابه * حتى الغياب * كوني عباءة بيته * وسجادة صلاته! .كوني المرأة التي لم ير قبلها إمرأة ولن يأتي بعدها إمرأة بل مجرد اناث *
هذه الومضات تكشف عن معنى الحياة المتجلى في سر المرأة وهي تخلق رجل فارس أحلامها أنها تسري وتحل في كل شيء له علاقة بالرجل ، والحلول هنا يأخذ شكل ديمومة حلول تراهن على تقمص الأشياء
التي ترتبط بالرجل انها تؤنسن كل شيء وتبعث فيه أنفاسها كل شيء اذا حلت فيه يصير له طقس أنثوي يمنح الحياة وارادتها للرجل انه مقام الوحدة وحدة الوجود والتلاشي مقام الفناء والبقاء فكل شيء اذا تجلى بالمرأة صار جنة هي ارادة الحياة بدل السرير الوسادة وبدل الماضي المستقبل وبدل العائلة القبيلة ،وبدل الساعة المعصم وبدل اليد البصمة هي الحيوان الأليف والابنة والشغالة والقطة ومسبحة والصابون والمناشف ومقود السيارة وحزام الأمن ومصعد البناية ومفاتيحه والسجادة ألا يمكن بمنطق النظائر أن نقول المرأة هي الحياة والحياة المرأة . اردة الحياة في هذا المقام تبÙ! �ن لنا كيف أن أحلام تجعل كل شيء في الحياة إمراة بمنطق وحدة الوجود عند الصوفي تريد أن تقول اذا أردت أن ترى شيئا جميلا فأنثه وأزرع فيه إمرأة فيصير له لون الماء لون السماء .
ما نريد أن نصل اليه من خلال هذا الفصل نلخصه في ثلاث سمات :
السمة الأولى المرأة الحياة وجهان لعملة واحدة ، أن تعيش الحياة يجب إمرأة .
السمة الثانية كل شيء بالمرأة له معنى حتى في وحشتك .
السمة الثالثة في المرأة تظهر وحدة الوجود ، التي تجمع كل شيء.
المرأة تتجلى للرجل مرة واحدة في حياته ، انها الفعل الملتبس بالخلق لكن كما تقول أحلام * ماذا هو فاعل * من تنادين مات * دعيه يجرب * وهوحين يجرب يكتشف أنه سراب الظلمة وهي ذاكرة الضوء سلام على النسيان.أبجدية الجسد في نسيانكم تكشف للمتلقي بعد كسر أفق انتظاره المرأة بين الهوية والحرية ، الهوية ميتا روح ، والحرية ميتا جسد على حد قول ابراهيم الكوني في ديوان البر والبحر * لاحرية للانسان لم يعرف ماذا يريد * ونقول بالتناص مع هذه المقولة لا هوية للانسان لم يعرف ماذا يكون .
ختام هذا الفصل نشير الى مقولة جبرانية في رمل وزبد تقول *كل رجل يحب امرأتين واحدة يخلقها بخياله والثانية لم تولد بعد * رواية نسيانكم لأحلام مستغانمي تراهن على هذه الفلسفة وتفجر فضاء من شعرية الجسد يبدأ باللغة وفيها واليها فهي تدشن امرأة الخلق بالخيال ، وتسعى بولادة قيصرية الى امرأة لم تولد حتى يعرف الرجل من هي .
بلاغة المرأة – رجل / * اذا وجدنا الشيء من علة نفسه
فذاك وجود ليس يفنى على الأبد
وإما وجدناه لشيء خلافه
فإعدامه في عدمنا ماله وجد *
طوق الحمامة
جاء في طوق الحمامة في باب من أحب صفة لم يستحسن بعدها غيرها مما يخالفها * واعلم أعزك الله أن للحب حكما على النفوس ماضيا وسلطانا قاضيا ، وامرا لا يخالف ، وحدا لا يعصى ، وملكا لا يتعدى ، وطاعة لا تصرف ،ونفاذا لايرد ،وانه ينقض المرر،ويحل المبرم ، ويحلل الجامد ، ويخل الثابت ،ويحل الشغاف ،ويحل الممنوع *
من هذا الخطاب نستخلص بلاغة المرأة في الحب لرجل له شكل الروح باعتبارها الجسد بلاغتها في المر الذي لا يخالف والحد الذي لا يعصى ،والملك الذي لا يتعدى ، والنفاذ الذي لا يرد ،انها ببلاغتها تنقض المرر ويحل المبرم ، ويحلل الجامد ، ويخل الثابت ، ويحل الشغاف والممنوع ،في بلاغة المرأة كلام يخلق الصمت الرجالي فالرجل عند أحلام * نجم مذنب يختفي من سمائك دون أي انذار ...عليك آنذاك أن تتحولي الى منجمة *
الكلام بلاغة المرأة يبعث صمت الرجل فينطفيء ليتعلن المرأة عن كينونة زئبقية زنبقية ، الصمت فقه الرجل فتصير اللذة والألم منطق الحلال والحرام ،في هذه النظرية الناعمة يكون الوقت سنة زمن أنثوي تحتاجه للشفاء من داء الرجل * عام معدل الزمن الأنثوي المهدور الذي تحتاجه امرأة للشفاء من رجل تفشى فيها داؤه*
الوجود في بلاغة المرأة نلمسه في نظريتين :
الأولى الوجود كلام يؤسس كل شيء ويعيد تشكيل المتخيل المجرد والمجسد
الثانية الوجود جسد يقرأ ويكتب كل شيء حتى البقاء .
من النظريتين نرى الكائن الممكن الذي يعيد الى فوضى الحواس النظام والى ذاكرة الروح نسيان الجسد ، والى عابر سرير منطق عابر السبيل ، أحلام في نسياكم تخلق بلاغة للأنثى تتجاوز الرجل بكينونة المحو لا النحو، جاء في الرواية * الرجل صمت * صمت الحرباء *صمت العشق * صمت التحدي *صمت الألم *صمت الكرامة* صمت الاهانة* صمت اللامبلاة * صمت التشفي * صمت الداء العشقي * صمت من يريد كسرك *صمت الانتقام * صمت المكر *صمت الكيد * صمت الهجر * صمت الخذلان * صمت النسيان * صمت التعالي *صمت من خانك * الصمت الوقائي * الصمت الجنائي * الصمت العاصف * الصمت الذي ليس بعده شيء .*
هذا الصمت هو معنى الرجل المنعكس في مرايا المرأة ، المراة التي عرفت سر الوجود بالكلام ، وتفقهت في الجسد وبلغت غاية الحب ، المٍرأة حين تحب تمنح الحياة ، حين تحب تخلق ، حين تحب تعيد الجسد الى جنته ،حين تحب تتفتح الورود ، ويعود الوحي الى نبيه التائه ، حين تحب تنضج ثمرة السعادة في شجرة الحياة ، حين تحب يفيض الكون بالنور ، فتسري روحها الفارشية في كل شيء ، كل شيء بالمرأة يعود ، كل شيء بالمرأة يكون جميلا حتى الموت ، كل شيء بالمرأة يطفح باليقين لا الشك ، بالمرأة أنت أيها الرجل موجود بدونها أنت جحيم العدم ، لاشيء يفنى مع المرأة بل يبقى ، سلام على المرأة ، ! انها وراء كل عظيم .
ان نظرية البلاغة تحكي بلغة الجسد عن عالم ، باغته الرجل بصمته الذي يحمل أسلحة دمار شامل ، هذا الصمت له شكل الحرباء وتلونها مع كل شيء وصمت العشق التحدي الألم واللامبلاة والداء العشقي والكسر والانتقام والكر والكيد والخيانة والخذلان والتعالي الوقائي الجنائي أنها علامات قيامة الروح في جسد يريد حياة الخلاص.
واختيار احلام للصمت يمكن أن يأخذ الاشارات التالية :
• صمت الظلام الذي مسح النور من كل شيء
• صمت العدم الذي يطفيء جذوة الوجود
• صمت الموت المرعب الذي يغتال براءة الحياة .
• صمت السراب الذي يحسبه الظمآن ماء
• صمت الاغتراب الذي يقمع الهوية
• صمت الغواية والجناية
• صمت السلطة التي تبدد الجسد
هذه الاشارات للصمت هي في ذاتها تجعل المراة سيزيفية القدر ، تفقد وهجها العذري وألقها الكوني ، وسحرها السرمدي الذي دوخ الشعراء .يجب حسب رواية نسيانكم أن نعيد للمرأة أسطورتها حتى يتشكل العالم من جديد .
ختام المسك /
من خلال هذه القراءة لرواية نسيانكم لأحلام مستغانمي يمكن القول بأنها أرادت شيئين ، أولهما أن المرأة لها لون الماء ومن الماء كل شيء حي ، وثانيهما أن المراة علة الوجود هي الأرض والسماء وان كان شيخ المتصوفة محي الدين بن عربي في الفتوحات المكية جعلها الجزء من الكل لأن الأصل آدم والجزء حواء والجزء يحن للكل ولا يكتمل الا به . فالمرأة – رجل معادلة المستحيل الممكن في مجتمع عربي متخلف يصادر حرية المٍرأة ،ويحرمها من فكرها وهويتها رغم أنها هي التي تصنع الرجل وتجدد دفعة الحياة في كل شيء .
الآخر بالنسبة للرجل إمرأة وهذا الآخر مرآة للذات والآخر بالنسبة للمرأة رجل شكله وطينته التي يعيد بها تكوينه .
الرواية التي تقدمها أحلام مستغانمي هي رواية شعرية ، تدشن خطابا أبداعيا حداثيا يستثمر لغة العولمة والأنترنات ، الفيس بوك ، الشات ، المنتديات ، هي تجربة تضع النص العربي في تجربة جديدة وجها لوجه مع التقنية ويدا بيد معها وهذا ربما يحيل الى ماقاله على حرب في الثورة الالكترونية التي تسعى الة أنسنة العالم وكوننة الانسان تسهم هذه الثورة في تغيير خارطة العلاقة بالأشياء المادة تتعير أولا اذ تتحول من كونها عضوية أو آلية الى كونها سبرانية معلوماتية والفكر يتغير ثانيا اذ يصير ذا طابع أداتي ينزع الأفكار من طوباويتها ويربطها بالوسائط والحقيقة تتغير ثا! لثا اذ لاتعود في مجرد التطابق مع المعطى الواقعي ولا التوافق مع مسبقات الفكر بل ما يجري خلقه وانتاجه ، فرواية نسيانكم تعيد رسم خارطة العلاقة بالأشياء بفقه الأنثى وبلاغة المرأة وتريد أن تحرر الفكر من مثاليته وربطه بفينومولوجيا الجسد كمعطى أولي كما انها تريد أن تعرف الحقيقة بطقس المختلف والمؤتلف . رواية نسيانكم تتخلص من زمن النسخ الشفاهة والقداسة وزمن النشر المثقف وسرديات العقل لتبدأ ثورة التقنية الالكترونية وما تنقله من حساسيات وكلام يجري بلغة البرق .
رواية نسيانكم تمسح ما نسخ وتنسخ ما مسخ وتمسخ ما نسخ ، انها رواية العبور لوقت يتلاشى فيه البهاء والهباء ، والخلود والوجود .
بشير ونيسي
أول سؤال يواجه الجسد من أنا ؟ وما شكل الحياة والأشياء في والي وحولي ؟ وما سر الوجود الذي يظهر كينونتي ؟ هي أسئلة للمحو يبدأ بها مشروع أحلام مستغانمي في رواياتها ذاكرة الجسد ، عابر سرير ، فوضى الحواس ، ونسيانكم ، الذي هو موضوعنا في هذا المقام ، في ذاكرة الجسد راهنت أحلام مستغانمي على تجليات أنا قمع فعوض ذلك بمتخيل يعكس تشيء الجسد عبر آخر مقنع بالسلطة فاستعاد الجسد زمنه الضائع بديمومة خلاقة تريد رسم الوجود بجسد يؤنسنه الحب ، أما في عابر سرير فالمضمون الأيروتيكي يوميء بشهوة ترشح نشوتها ، عبر آخر غاب عنه طقس الوجود وفيض الحياة ، أما فوضى الØ! �واس فلعبة السرد تراهن شكل الأشياء حين تصطم بالحواس فيصير الوجود في جوهره الفرد ، بلا نظام ولا نسق يدور في دوامة الحياة لعله يكتشف ظله . أما رواية نسيانكم فهي نص فينومولوجيا المحو وعودة الروح بعد الخلاص من طوفان الجسد وطوفانه . أن أول شيء يثير الانتباه في مقصوص نسيانكم داخل البنية الفكرية يجسد في :
• خطاب الاعتراف والبوح
• خطاب اليوميات والتوحد بالأشياء بمنطق المرأة
• خطاب النصيحة والارشاد
في خطاب الاعتراف والبوح ترسم أحلام مسار المرأة بلغة عيادية اكلينيكية ، حين يصير كل شيء امرأة يعني تأنيث الوجود بمتخيل بعيد عن الرجل والحذر منه ، كل شيء بالمرأة له شعريته وسحره وجذبه بلا امرأة تفقد الأشياء جماليتها ، والاعتراف مكاشفة لا تخفي تظهر كل شيء تراهن على المرغوب في الممنوع الذي فرضته ثقافة المجتمع العربي التي تراهن على فقه الحلال والحرام بنظرية المتشابه ، انه مجتمع الفاقة الذي يصادر العقل والحرية فالعقل المصادر يجعل الانسان حيوانا والحرية المسجونة تولد فردا تائها مغتربا
الاعتراف نص يريد أن يكشف علاقة الرجل بالنساء وعلاقة النساء برجل واحدة ، فالمرأة في فكر الانسان العربي مخلوق يجب أن يحاصر لأنها منبع الشيطان يجب أن تبدل لأنها آلة جنس قد لا تصلح في بعض حالات كيمياء النفس ، المراة أما لذة ومتعة أو غواية تفتح الباب للشيطان .
في خطاب اليوميات والتوحد بالأشياء بمنطق المرأة تحفر أحلام في فضاء الحياة ما معنى الحياة بلا امرأة ؟ كيف يظهر الوجود بلا إمرأة ؟ هل هناك معنى اسمه الحب بلا إمرأة ؟ ثم توشم شكل الأشياء بعبق أنثوي
كل شيء بالمرأة جميل والجمال إمراة والجنة إمرأة فالمرأة شكل الحياة ومشهد الجميل والجميل يبقى بالشهود تجلى هذا في سورة يوسف مع إمرأة العزيز التي شغفها حب يوسف وصارت حكاية المدينة فكشفت المستور بالسكين والفاكهة وخرج عليهن يوسف فقطعن أصابعهن وقلن ما هذا بشر ان هذا الا ملك وسقط الدم
مطرا يدل على أن سر الحب في الدم والروح . الحضارة في تطوراتها راهنت على جمال المرأة وأنثت كل شيء ليعود الى جنته ، طب التجميل ، الموضه وأنسنة الفساتين ، حلاقة الشعر ، مواد التجميل والعطور، حتى
الاعلان والاشهار والصورة والسينما يراهن على المرأة للربح والتأثر في المتلقي المستهلك ، فدللية العصر خدعت شمشون بجمالها ، وربما نتفطن الىهذا في فلسفة جان بودريار الفرنسي الذي وضع نظرية الاغواء فهذا الأخير ينسب الى الديانات وحيل الشيطان حين تفنن في اغواء البشر بالحيل ومن بينها الساحرات انها حقبة الثورة الجنسية وشعرنة الجسد اليوميات هي رسم بالكلمات للأشياء بأنامل أنثوية بيضاء ملائكية تعيد للروح عافيتها من الجسد .
وخطاب النصيحة تريد منه أحلام نصح المرأة بوصفة تقيها من شعوذة الرجل وصمته . فالرجل له العقل حتى ولو كان بهلولا في الروض العاطر فبامكانه اغواء واغراء كل نساء السلطان .
الجسد ذاكرة النسيان / لايمكن للذاكرة أن تحيا بدون النسيان ، النسيان يضمن لها البقاء لأنه الفناء ،فتجربة ذاكرة الجسد راهنت على حضور المتخيل المدهش المغيب ،الذاكرة تحفظ الليبدو الرائع من التلاشي والتشظي ، انه يسقى الأنا كأسا دهاقا من كوثر الحب حتى لاتزهق النفس وفي نفس الوقت تحميه سلطة الأنا الأعلى عادات وتقاليد وقيم ثابتة في زمن موحش بعذاب الحياة ، تروي ميثيولوجيا ألبانية قصة شاب جبلي كان يتلقى كل يوم زيارة جنية ولكي تمتعه اشترطت عليه شرطا واحدا والا حرم منها وهو أن لا يلمح لها والا فقد الكلام غير أن الشاب جذبه الشبق وانتهى الى البوح بسره له! ا فدفع الثمن بفقدان وصمت أبدي .
هذه الأسطورة ربما نسقطها بتحفظ على ذاكرة الجسد ونسيانكم فالرجل يتمتع بسحر المرأة مادام أنه لايبوح لها والآن الرجل يبوح وهو محروم من المرأة ، والمٍرأة التي تكلمت حرمت من الرجل .
المرأة في مقصوص نسيانكم الوطن والرجل السلطة وبين الوطن والسلطة سكنى الجسد ،في ذاكرة الجسد يحفظ الوجود بشبقه وعبر النسيان يتفكك الوجود ويبدأ التحول والتجلي ، أحلام في نصها تبحث إمرأة عشتارية الوقت والطقس بلقيسية العرش امرأة يمزها عن باقي النساء طوق الحمامة ، امرأة هي الغزالة على بوابات العالم السبع عند البياتي إمرأة هي ليلى في خيال المجنون إمرأة ليست مثل إمرأة نوح ولوط ، إمراة بلون الماء لا وردة الليل ، فراشة ، نجمة ، عنقاء مغرب .
ان ما يبدو لك ، وأنت تقرأ نسياكم يوحي بعالم إمرأة تنسج كينونتها من تجليات الروح ويظهر ذلك في صورتين :
1 ليبيدو الحرية الذي قمع في مجتمع عربي شرع للذة بققه البلاغة حلل وحرم ببلاغة الفقه .
2 هوية الجسد هذا الشيء الذي ينزف وهو قربان أبله لإله يبدو أنه مات آنيا ويحيا في ماضي ذاكرة مشوه بالدنس والرجس .
من هنا يمكن أن نوجز ما قلنا أن الجسد في البنية الفكرية يدل على السمات التالية :
المرأة نور الرجل ظلمة
المرأة وجود الرجل عدم
المرأة المٍرأة جنة والرجل جحيم
النور للايماء بمعنى الحياة النوراني والرجل معنى الحياة الظلماني ، الوجود للايحاء بسر الكينونة والتميز والرجل سر التلاشي والتيه والغياب ، والجنة لبيان نشوة الخلاص من الكفر لأن الكفر هو الرجل .
وحين نرصد الفصول الأربعة للحب ، نحس بزمن خلق جيد يوحد يبدد يجدد الروح المنحوس الممسوس المنجوس ، انه النسيان الذي يؤسس ذاكرته الجديدة على الجسد الفاني بالحب ، الحب أن تكون ، أن تريد ، أن ترى ، أن تفعل ، أن تتكلم ، أن تحيا ، اذن أنت موجود وشهيد على شكلك في الحياة ، فصل اللقاء والدهشة يقابل الشتاء والجسد في شتاء الروح يشتاق للدفء ليعود لوحيه ، وفصل الغيرة واللهفة يدل على الربيع في ربيع الروح ينضج الوجود وتطفح شجرة الحب بفاكهة البهاء ، وفي فصل لوعة الفراق يجيء الصيف محملا بحرارة الفراق التي تبعث أعراس النور ، وفي فصل روعة النسيان يحل الخريف ليبدد ! كل شيء ، ما يبدد يعود ، ما يفنى يبقى ، ما يقبض يبسط ، كل شيء يعود حتى هذه الفراشة والوردة كما أعلن نيتشه ذات يوم في جنونه السوبرماني وطقوس العودة الأبدية ، تقول أحلام في نسيانكم * من دونه لا يمكن للحب أن يولد * انه النسيان سلطان البيان والعرفان والبرهان .
الحرية أن تحب ، الوجود أن تتحرر ، في الصمت الحب عبادة ، بالكلام الحب غواية ، الذاكرة تحيا بالنسيان مثلما يحيا يحيا الرجل بالمرأة ، الرجل ليل والمرأة قمر .
شكل الجسد في نسيانكم يريد أن يتحول بغواية النور وكل شيء بالجسد جنة ، ولا معنى للجسد الا بسريان النسيان في دمه وروحه ،هذا الشكل الذي قبلته شهرزاد للخلاص من طغيان شهرزاد ، هات أيها الجسد حكاية جميلة والا قتلتك هذا ما أعانه عبد الكبير الخطيبي في سيرته الذاكرة الموشومة يقول هذا الأخير :
• حلمت ليلة أمس أن جسدي من كلمات * من هذه العبارة نعرف أسطورة الجسد البيضاء التي خضبها طوفان دم الرجل ، شهرزاد أرادت ان تحكي قصة الجسد المحروم من روحه في وجه شهريار ، أرادت أن تجعل شهريار الطاغية العربي يسقط في جحيمها حتى يذوق لباس التيه والشتات ، شهرزاد في نسينانكم نزعت القناع عن وجه الطاغية فتجلى السراب والارهاب واليباب .
فقة المرأة – لون الماء / * تستطيع المرأة أن تمتلك الرجل ، ولكن الرجل لا يستطيع أن يمتلك المرأة ، لأن المرأة تستطيع أن تملك الرجل في المخدع إن لم تسطع ان تمتلكه في مكان آخر ، ولكن الرجل لا يستطيع أن يملك المرأة الا في الموت ، فصار لزاما على الرجل أن يفقد المرأة ، اذا شاء أن يمتلك المرأة *
ابراهيم الكوني
الحب هو سر الفقه ، أن تحب يعني أن تحيا بحرية ولك وجود متميز وخلاق ، والحديث النبوي يشير بدلالته الى هذا الايقاع المدهش * الايمان أن تحب لأخيك كما تحب لنفسك *
في مقصوص نسيانكم نكشف الحب الذي هو بلون الماء ونتعرف على فقه المرأة ويتجلى الحب بمنطق لا
وهذا الحرف له من السر ما يجعله بداية تأسيس الوجود ونرصد هذا الحب في السمات التالية :
• المحب سلطان
• المحب شهيد
• الحب إرادة الحياة
المحب سلطان نقرأ في الرواية نسيانكم * أدخلي الحب كبيرة ، وأخرجي منه أميرة *
*لاتحبي أعشقي * لا تنفقي أغدقي * لا تصغري ترفعي * لا تعقلي أفقدي عقلك * لا تقيمي في قلبه بل تغشي فيه *في هذه الشذرات توميء بنفي واثبات نفي للحب واثبات للعشق كمقام للوصل والأنس ،نفي للنفقة واثبات للعطاء ،نفي للسقوط واثبات للعلو ، نفي للعقل واثبات لفقدانه ،نفي للإقامة في القلب واثبات للشغف والحلول والسريان ، والنفي والاثبات يؤل بالذاكرة والنسيان ، للذاكرة الحب وللنسيان العشق ، للذاكرة العقل وللنسيان الجنون ، للذاكرة السكن في القلب وللنسيان الفناء والذوبان والتلاشي .
نقرأ في نسيانكم * لا تتذوقيه بل التهميه * لاتشوهي شيئامنه جمليه * لاتكوني أمامه بل خلفه * لا تكوني عذره بل غايته * لاتكوني عشيقته بل زوجة قلبه *لاتكوني ممحاته بل قلمه * لا تكوني واقعه ظلي حلمه * لاتكوني سعادته كوني أحيانا ألمه * لا تكوني متعته بل شهوته * كوني أرقه وأميرة نومه * في هذه الشظايا يبدو المحب شهيد من يحب يلتصق به في كل شيء فالشهيد لا يشوه بل يجمل وليس عذرا بل
غاية ، الشهيد نبي الألم يعلو بوردة روحه فترفرف السعادة حوله بأجنتحتها ، ان المحب الشهيد في هذا المقام العذري يتجلي بصورتين صورة الوجود الكامل وصورة الجسد في لحظة فنائه بالآخر فيصير الآخر ،جنته التي حرم منها بخطيئته .
نقرأ أيضا في نسيانكم * لاتكوني سريره كوني وسادته * كوني بين النساء اسمه ذكرياته مشاريع غده * لا تكوني يده كوني بصمته *لاتكوني قلبه كوني قالبه * لاتطاردي من ماضيه فأنت مستقبله * ولا من عائلته فأنت قبيلته * لا تكوني ساعته كوني معصمه * ولا وقته بل زمنه *تقمصي كل إمرأة لها قرابة به * زكل أنثى يمكن أن يحتاج اليها * وكل شيء يمكن أن يلمسه * وكل حيوان أليف يداعبه * وكل ما تقع عليه عيناه * كوني ابنته وشغالته وقطته * ومسبحته * وصابون استحمامه * ومناشفه * ومقود سيارته *وحزام أمنه * ومصعد بنياته * كوني مفاتيحه * ومن يفتح بابه * حتى الغياب * كوني عباءة بيته * وسجادة صلاته! .كوني المرأة التي لم ير قبلها إمرأة ولن يأتي بعدها إمرأة بل مجرد اناث *
هذه الومضات تكشف عن معنى الحياة المتجلى في سر المرأة وهي تخلق رجل فارس أحلامها أنها تسري وتحل في كل شيء له علاقة بالرجل ، والحلول هنا يأخذ شكل ديمومة حلول تراهن على تقمص الأشياء
التي ترتبط بالرجل انها تؤنسن كل شيء وتبعث فيه أنفاسها كل شيء اذا حلت فيه يصير له طقس أنثوي يمنح الحياة وارادتها للرجل انه مقام الوحدة وحدة الوجود والتلاشي مقام الفناء والبقاء فكل شيء اذا تجلى بالمرأة صار جنة هي ارادة الحياة بدل السرير الوسادة وبدل الماضي المستقبل وبدل العائلة القبيلة ،وبدل الساعة المعصم وبدل اليد البصمة هي الحيوان الأليف والابنة والشغالة والقطة ومسبحة والصابون والمناشف ومقود السيارة وحزام الأمن ومصعد البناية ومفاتيحه والسجادة ألا يمكن بمنطق النظائر أن نقول المرأة هي الحياة والحياة المرأة . اردة الحياة في هذا المقام تبÙ! �ن لنا كيف أن أحلام تجعل كل شيء في الحياة إمراة بمنطق وحدة الوجود عند الصوفي تريد أن تقول اذا أردت أن ترى شيئا جميلا فأنثه وأزرع فيه إمرأة فيصير له لون الماء لون السماء .
ما نريد أن نصل اليه من خلال هذا الفصل نلخصه في ثلاث سمات :
السمة الأولى المرأة الحياة وجهان لعملة واحدة ، أن تعيش الحياة يجب إمرأة .
السمة الثانية كل شيء بالمرأة له معنى حتى في وحشتك .
السمة الثالثة في المرأة تظهر وحدة الوجود ، التي تجمع كل شيء.
المرأة تتجلى للرجل مرة واحدة في حياته ، انها الفعل الملتبس بالخلق لكن كما تقول أحلام * ماذا هو فاعل * من تنادين مات * دعيه يجرب * وهوحين يجرب يكتشف أنه سراب الظلمة وهي ذاكرة الضوء سلام على النسيان.أبجدية الجسد في نسيانكم تكشف للمتلقي بعد كسر أفق انتظاره المرأة بين الهوية والحرية ، الهوية ميتا روح ، والحرية ميتا جسد على حد قول ابراهيم الكوني في ديوان البر والبحر * لاحرية للانسان لم يعرف ماذا يريد * ونقول بالتناص مع هذه المقولة لا هوية للانسان لم يعرف ماذا يكون .
ختام هذا الفصل نشير الى مقولة جبرانية في رمل وزبد تقول *كل رجل يحب امرأتين واحدة يخلقها بخياله والثانية لم تولد بعد * رواية نسيانكم لأحلام مستغانمي تراهن على هذه الفلسفة وتفجر فضاء من شعرية الجسد يبدأ باللغة وفيها واليها فهي تدشن امرأة الخلق بالخيال ، وتسعى بولادة قيصرية الى امرأة لم تولد حتى يعرف الرجل من هي .
بلاغة المرأة – رجل / * اذا وجدنا الشيء من علة نفسه
فذاك وجود ليس يفنى على الأبد
وإما وجدناه لشيء خلافه
فإعدامه في عدمنا ماله وجد *
طوق الحمامة
جاء في طوق الحمامة في باب من أحب صفة لم يستحسن بعدها غيرها مما يخالفها * واعلم أعزك الله أن للحب حكما على النفوس ماضيا وسلطانا قاضيا ، وامرا لا يخالف ، وحدا لا يعصى ، وملكا لا يتعدى ، وطاعة لا تصرف ،ونفاذا لايرد ،وانه ينقض المرر،ويحل المبرم ، ويحلل الجامد ، ويخل الثابت ،ويحل الشغاف ،ويحل الممنوع *
من هذا الخطاب نستخلص بلاغة المرأة في الحب لرجل له شكل الروح باعتبارها الجسد بلاغتها في المر الذي لا يخالف والحد الذي لا يعصى ،والملك الذي لا يتعدى ، والنفاذ الذي لا يرد ،انها ببلاغتها تنقض المرر ويحل المبرم ، ويحلل الجامد ، ويخل الثابت ، ويحل الشغاف والممنوع ،في بلاغة المرأة كلام يخلق الصمت الرجالي فالرجل عند أحلام * نجم مذنب يختفي من سمائك دون أي انذار ...عليك آنذاك أن تتحولي الى منجمة *
الكلام بلاغة المرأة يبعث صمت الرجل فينطفيء ليتعلن المرأة عن كينونة زئبقية زنبقية ، الصمت فقه الرجل فتصير اللذة والألم منطق الحلال والحرام ،في هذه النظرية الناعمة يكون الوقت سنة زمن أنثوي تحتاجه للشفاء من داء الرجل * عام معدل الزمن الأنثوي المهدور الذي تحتاجه امرأة للشفاء من رجل تفشى فيها داؤه*
الوجود في بلاغة المرأة نلمسه في نظريتين :
الأولى الوجود كلام يؤسس كل شيء ويعيد تشكيل المتخيل المجرد والمجسد
الثانية الوجود جسد يقرأ ويكتب كل شيء حتى البقاء .
من النظريتين نرى الكائن الممكن الذي يعيد الى فوضى الحواس النظام والى ذاكرة الروح نسيان الجسد ، والى عابر سرير منطق عابر السبيل ، أحلام في نسياكم تخلق بلاغة للأنثى تتجاوز الرجل بكينونة المحو لا النحو، جاء في الرواية * الرجل صمت * صمت الحرباء *صمت العشق * صمت التحدي *صمت الألم *صمت الكرامة* صمت الاهانة* صمت اللامبلاة * صمت التشفي * صمت الداء العشقي * صمت من يريد كسرك *صمت الانتقام * صمت المكر *صمت الكيد * صمت الهجر * صمت الخذلان * صمت النسيان * صمت التعالي *صمت من خانك * الصمت الوقائي * الصمت الجنائي * الصمت العاصف * الصمت الذي ليس بعده شيء .*
هذا الصمت هو معنى الرجل المنعكس في مرايا المرأة ، المراة التي عرفت سر الوجود بالكلام ، وتفقهت في الجسد وبلغت غاية الحب ، المٍرأة حين تحب تمنح الحياة ، حين تحب تخلق ، حين تحب تعيد الجسد الى جنته ،حين تحب تتفتح الورود ، ويعود الوحي الى نبيه التائه ، حين تحب تنضج ثمرة السعادة في شجرة الحياة ، حين تحب يفيض الكون بالنور ، فتسري روحها الفارشية في كل شيء ، كل شيء بالمرأة يعود ، كل شيء بالمرأة يكون جميلا حتى الموت ، كل شيء بالمرأة يطفح باليقين لا الشك ، بالمرأة أنت أيها الرجل موجود بدونها أنت جحيم العدم ، لاشيء يفنى مع المرأة بل يبقى ، سلام على المرأة ، ! انها وراء كل عظيم .
ان نظرية البلاغة تحكي بلغة الجسد عن عالم ، باغته الرجل بصمته الذي يحمل أسلحة دمار شامل ، هذا الصمت له شكل الحرباء وتلونها مع كل شيء وصمت العشق التحدي الألم واللامبلاة والداء العشقي والكسر والانتقام والكر والكيد والخيانة والخذلان والتعالي الوقائي الجنائي أنها علامات قيامة الروح في جسد يريد حياة الخلاص.
واختيار احلام للصمت يمكن أن يأخذ الاشارات التالية :
• صمت الظلام الذي مسح النور من كل شيء
• صمت العدم الذي يطفيء جذوة الوجود
• صمت الموت المرعب الذي يغتال براءة الحياة .
• صمت السراب الذي يحسبه الظمآن ماء
• صمت الاغتراب الذي يقمع الهوية
• صمت الغواية والجناية
• صمت السلطة التي تبدد الجسد
هذه الاشارات للصمت هي في ذاتها تجعل المراة سيزيفية القدر ، تفقد وهجها العذري وألقها الكوني ، وسحرها السرمدي الذي دوخ الشعراء .يجب حسب رواية نسيانكم أن نعيد للمرأة أسطورتها حتى يتشكل العالم من جديد .
ختام المسك /
من خلال هذه القراءة لرواية نسيانكم لأحلام مستغانمي يمكن القول بأنها أرادت شيئين ، أولهما أن المرأة لها لون الماء ومن الماء كل شيء حي ، وثانيهما أن المراة علة الوجود هي الأرض والسماء وان كان شيخ المتصوفة محي الدين بن عربي في الفتوحات المكية جعلها الجزء من الكل لأن الأصل آدم والجزء حواء والجزء يحن للكل ولا يكتمل الا به . فالمرأة – رجل معادلة المستحيل الممكن في مجتمع عربي متخلف يصادر حرية المٍرأة ،ويحرمها من فكرها وهويتها رغم أنها هي التي تصنع الرجل وتجدد دفعة الحياة في كل شيء .
الآخر بالنسبة للرجل إمرأة وهذا الآخر مرآة للذات والآخر بالنسبة للمرأة رجل شكله وطينته التي يعيد بها تكوينه .
الرواية التي تقدمها أحلام مستغانمي هي رواية شعرية ، تدشن خطابا أبداعيا حداثيا يستثمر لغة العولمة والأنترنات ، الفيس بوك ، الشات ، المنتديات ، هي تجربة تضع النص العربي في تجربة جديدة وجها لوجه مع التقنية ويدا بيد معها وهذا ربما يحيل الى ماقاله على حرب في الثورة الالكترونية التي تسعى الة أنسنة العالم وكوننة الانسان تسهم هذه الثورة في تغيير خارطة العلاقة بالأشياء المادة تتعير أولا اذ تتحول من كونها عضوية أو آلية الى كونها سبرانية معلوماتية والفكر يتغير ثانيا اذ يصير ذا طابع أداتي ينزع الأفكار من طوباويتها ويربطها بالوسائط والحقيقة تتغير ثا! لثا اذ لاتعود في مجرد التطابق مع المعطى الواقعي ولا التوافق مع مسبقات الفكر بل ما يجري خلقه وانتاجه ، فرواية نسيانكم تعيد رسم خارطة العلاقة بالأشياء بفقه الأنثى وبلاغة المرأة وتريد أن تحرر الفكر من مثاليته وربطه بفينومولوجيا الجسد كمعطى أولي كما انها تريد أن تعرف الحقيقة بطقس المختلف والمؤتلف . رواية نسيانكم تتخلص من زمن النسخ الشفاهة والقداسة وزمن النشر المثقف وسرديات العقل لتبدأ ثورة التقنية الالكترونية وما تنقله من حساسيات وكلام يجري بلغة البرق .
رواية نسيانكم تمسح ما نسخ وتنسخ ما مسخ وتمسخ ما نسخ ، انها رواية العبور لوقت يتلاشى فيه البهاء والهباء ، والخلود والوجود .
بشير ونيسي
تعليقات
إرسال تعليق