انفاس حرفية لتكعيبية الفنان محمد بوكرش / الباحث بختي احمد الكيلاني

انفاس حرفية لتكعيبية الفنان محمد بوكرش / الباحث بختي احمد الكيلاني

اؤكد لكم اني لست أول من كتب او سيكتب عن الفنان المرهف محمد بوكرش ، كما أنني لست من اولئك المعبرين بكتاباتهم المشهورة والتي تنال حظ القراءة وإن كانت لا تستحق حتى المرور عليها ، لكن هي الشهرة من تجلب لكت...اباتهم القراء .. وبالجزائري نقول " شيع وارقد " في معنى عن اولئك الذين يحملون الشهادات ولا يساهمون في شيء غير النقد اللفظي الذي ينزل الى حضيض المعاني واقبح الكلمات واجوف الافكار .. مدعين بامتلاكهم شرعية النخبوية على كل من تهم له نفسه ان يصير مثلهم .. بدأت بهذه الكلمات لعلي ابرر لنفسي حقها في ان تتخطى طابوا من طابوهاتهم لعلي ادخل عالم النقد والتحليل دون قيود .. واخترت كلمة طابوهات وان كانت في الحقيقة هي كلمة اجنبية دخيلة على اللغة العربية تكتب tabou ، وكانت تطلق على كل ماله علاقة بالجانب الديني فقط .. الى ان انتشرت واصبحت لها علاقة بمجلات عدة في المجتمعات الغربية .. وفي مجتمعنا العربي تعني حرام وحظر وعزل ومنع .. وكأن معناها يوحي بقصد الى تلك الظواهر والآفات الموجودة في المجتمع ونقوم بعزلها و عدم التحدث عنها وتجاهلها وكأنها غير موجودة .. الا انني قصدت بالطابوهات زيادة على ما جاء في تعريفها بالحاجز الوهمي الافتراضي الذي تفرضه فئة تحتكر مجال ما .. وبما انني بصدد النقد والتحليل والتفكيك فقلت في داخلي لا اترك هذه الفرصة تمر دون ان انتقد تلك الفئة التقليلية والتحجيمية لكل ما لم يصدر منهم من اعمال ..

وانا اتناول ابداع لفنان مرموق قد يكون من اولئك الذين عطلهم الحاجز الوهي المفروض من الاقلية السيكوباتية المحتكرة للفن في يوم ما والذي وقف الكثير من المبدعين دونه ..
سوف احاول بكلمات مختصرات ان اجعل مني ناقدا مشهورا وارتقي الى مصاف المبدعين واسبح في طيف الوان اللوحة التكعيبية وأهيم في سعة خيال الفنان محمد بوكرش في قماشته هذه التي اول ما شاهدتها اوحت لي بسعة تأملاته ، ومدى قدرة جاهزيته الذهنية والفكرية والنفسية على سبك معرفته وخبرته وتوظيفهما في عملية مزج لوني مختلط بدوافعه الذاتية ومزجها بخطوط هندسية مستقيمة ومنحنية متعددة شكلت اجزاء لأشكال قوالبية تكعيبية غريبة خالية من أي حياة أو ماء أو روح .. حيث يصعب على العين أن ترى كلها في وقت واحد ، في حين يتلقاها الذهن كصورة معقدة ..

وأن كانت المدرسة التكعيبية تدرج اللون في المرتبة الثانية الا ان هذه اللوحة المشحونة بذبذبات منبعثة من طاقة صادرة من الوان قماشة تكعيبية محمد بوكرش الطفل في رسم لوحة تشكيلية لجأ فيها إلى أشكال هندسية لم تخلوا من مثلثات و دوائر ومربعات ذات تنسيق مظلل حتى بدت و كأنها تتحرك .. حيث ظل الشكل الهندسي يبدو للعين متعدد الزوايا المختلفة ..
تميزت لوحة الفنان بمسحة من السوريالية المرحة التي تخاطب اللاوعي .. والمتعمد فيها تضمين خربشة لونية توحي بلمسات شاعرية للفنان لا تخلو من غرابة .. وان اعتمد الفنان فيها على ألوان ابتدائية و أصلية لا يدخل في تركيبها لون اخر .. الاصفر - الاحمر – الازرق حملت حالة الفنان النفسية المزاجية الاصلية فيه من عاطفة وقوة وطاقة اللون الاحمر الى نار الحب و الجنس والإثارة .. الى السرعة والحرارة الذكورية ، والغطرسة، والطموح القيادي ..

هذه القماشة اللوحية أعتبرها كناقد مبتدئ ربما أنها من افضل الاعمال التي وحي بالثورات العربية .. فهي تصوّر الشيء المبهم الذي نفتقده ونبحث عليه .. نبحث عن العيون وراء تلك الخطوط ولا نجدها .. نبحث عن وجوه مختفية وراء الوان قاتمة في خربشة ملونة تحمل في متوسطها الاحمر الحار المثير الباعث للحركة والنشاط والخطر والبهرجة والدم والحرب والغضب والثورة والتطرف والاشتراكية و الشيوعية والعدوان والصيف والخريف والتوقف الذي يرمز للثورة .. في حين تتجلى لنا عاطفة الفنان لتلك الثورات العربية باختياره للون البرتقالي الذي يوحي لنا بالعاطفة الحارة والدفء الممزوج برمزية غيرته لعدم التحاقه بركب الثورات في دلالة من وجود اللون الاصفر المختفي .. بالإضافة إلى برتقالية اللون الاحمر المصفر .. الشمس والأمانة والوضوح والصيف والمرض .. أما خلفية اللوحة فهي عبارة عن مزاوجة متناسقة بين الألوان الزرقاء الغامقة والفاتحة مع شيء من اللون البنفسجي الذي يرمز الى العظمة في ايحاء ودلالة على السماء ويوحى للحكمة والتأمل ..
في هذه اللوحة تتجلّى مقدرة الفنان محمد بوكرش في اختياره المتميّز للون والشكل .. وهي صفة ممكن قد اكتسبها من ميوله للتعبيرية الروسية المتزاوجة بينها وبين الأسلوب التكعيبي الفرنسي في لوحة العروس - La Mariee - للفنان الفرنسي مارك شاغال ..
بقلم الباحث بختي احمد الكيلاني الاستشرافي
علم نفس تربوي
Ahmed Bakhti Al-Gailani